وسط مخاوف تسيطر على الأوضاع الصحية وانتشار الأوبئة في شرق ليبيا جراء تكدس الجثث في الشوارع، عقب إعصار «دانيال» المدمر، الذي جرف عمارات سكنية ومستشفيات ومدارس خاصة في مدينة «درنة» المنكوبة بالفيضانات، فاقمت الكارثة الوضع الصحي في المستشفيات ومراكز الإيواء.

وقال الدبلوماسي الليبي السابق السفير رمضان البحباح، إن ما تواجه ليبيا كارثة إنسانية كبيرة جراء ما سببه الإعصار من ضحايا وتخريب ما يشير إلى خطر ما تواجهه البلاد حالياً، مبيناً أن ليبيا تواجه فوضى عارمة وصراعات مريرة جراء الانقسامات التي هدفها إبقاء البلاد منهارة وضعيفة، ولا تقوى على إعادة بناء نفسها لتنعكس سلباً على كافة مناحي الحياة خصوصاً إهدار الأموال والنهب الممنهج من قبل عصابات مدعومة خارجياً.

وأوضح البحباح في تصريحات لـ«عكاظ» أن عدم وجود مؤسسات ودولة مسؤولة في ظل الصراعات على السلطة، وغض الطرف كلياً على تقديم أي منفعة للشعب والتفكير على السرقة والاختلاس، وهو ما أوضحه تقرير النائب العام الليبي أن الجرائم تجاوزت المئة ألف جريمة، أما التعمير والتنمية وخلق فرص عمل وتقديم أفضل الخدمات كلها أمور غائبة عن المشهد منذ عام 2011 حتى اليوم، موضحاً أن الوضع الليبي سياسياً واقتصادياً وأمنياً مأساوي جداً وبالتالي ليس من الغريب أن ينعكس ذلك على أي كارثة طبيعية تحدث.

وعزا أسباب زيادة الكارثة إلى تردي الوضع الخدمي، متسائلاً هل يعقل أن تنتظر الحكومة في ليبيا إعصاراً قوياً دون التنبيه عليه قبل أسبوع؟ أو اتخاذ أي إجراءات سريعة وفورية للتقليل من حدة الخسائر التي ستنجم عنه؟ كان من المفترض أن تكون هناك حملة إعلامية قوية وتشكيل غرف عمليات في كل مكان، تحذر المواطنين من الإعصار.

وأشار الدبلوماسي السابق إلى أن تدمير السدود التي حدثت بسبب الإعصار، كان أمراً وارداً لعدم وجود عمليات صيانة لها، مؤكداً أن هناك تحذيرات وتقارير علمية صدرت من الجامعات الليبية، تطالب بضرورة صيانة هذه السدود، كون أوضاعها سيئة وتعاني من تشققات وتصدعات في خرساناتها، هذا في الظروف العادية فما بالنا في ظروف إعصار قوي مثل إعصار دانيال.

وحول المساعدات الليبية قال «البحباح»: «ما حك جلدك إلا ظفرك»، بمعنى مهما كانت المساعدات تظل مساعدات، متسائلاً: ماذا صنعت المساعدات لشعوب العالم؟ زادتها فقراً ومرضاً وجهلاً، فالمساعدات قد تعالج بعض النقاط التي استعصى على الخبراء والمسؤولين حلها، إما بتقديم النصح أو بعض الأشياء غير المتوفرة، لكنها لا تحل المشكلة، فالدول العربية لها همومها ومشكلاتها ومع ذلك قدمت مساعداتها المتواضعة حسب قدراتها، لكن أين العالم الغني ومنظماته التي تتغنى بحقوق الإنسان وحمايته؟ لماذا لم ترصد ميزانيات وخبراء وإجراءات سريعة مثل التي ترصدها للحروب والصراعات بمئات المليارات؟ العالم اليوم هو عالم انتهازي استغلالي، ليس له علاقة بشعوب العالم ومشكلاته.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version