تساءل مقال في مجلة فورين بوليسي الأميركية بشأن احتمال أن تكون مشاركة قوات عسكرية أفريقية، في عمليات حفظ السلام الأممية، من العوامل التي تساعد على وقوع انقلابات في الدول التي لا تتوفر على مؤسسات ديمقراطية قوية.

وأوضح أن المجتمع الدولي كثف -خاصة بعد نهاية الحرب الباردة- من اللجوء لخدمات دول أفريقية لتوفير جنود يساهمون في بعثات حفظ سلام في المناطق المضطربة بالعالم، وذلك مقابل توفير دعم مالي ولوجستي كبير للأنظمة المرسِلة.

وكانت قوات حفظ السلام الأممية تتشكل عادة من بعثات عسكرية أوروبية أو أميركية، وعام 1990 كانت كل من كندا وفنلندا والنمسا والنرويج وأيرلندا والمملكة المتحدة والسويد أكثر الدول مساهمة في القوات الأممية.

لكن الوضع تغير بعد نهاية الحرب الباردة، حيث اضطرت الأمم المتحدة للرفع من عدد بعثاتها من أجل “حفظ السلام” الأمر الذي تطلب زيادة في عدد القوات المطلوبة بمقدار 7 أضعاف، وحاليا يتجاوز عددهم 90 ألفا.

مشاركة لأجل الربح؟

وذكّر المقال بمساهمة الجنرال عمر عبد الرحمن تياني (قائد انقلاب النيجر) منذ سنوات في عدة بعثات أممية لحفظ السلام بعدة دول بينها الكونغو الديمقراطية ونيجيريا وساحل العاج والسودان، ومن خلال عمله مع قوات حفظ السلام تعرف على حركات التمرد المسلح التي تنتشر في المنطقة الأفريقية.

ونقلت فورين بوليسي في المقال عن محللين قولهم إن مساهمة بعثات عسكرية من دول فقيرة في حفظ السلام لها -نظريا- تأثيرات إيجابية تظهر أهمية إرساء الديمقراطية والاهتمام بمعايير حقوق الإنسان، وتحفز على اتباع سيادة القانون لأن “العصيان” (مثل الانقلابات) من شأنه أن يعرض كل شيء للخطر، بما في ذلك المهام المستقبلية والحوافز المربحة التي تصاحبها، والتي تكون الأنظمة والقيادات العسكرية البارزة الأكثر استفادة منها.

وشرح المقال كيف أن الأمم المتحدة تنفق أكثر من 6 مليارات دولار على عمليات حفظ السلام سنويا، يذهب معظمها إلى تعويضات القوات العسكرية المشاركة.

وأكد أن أجور عمليات حفظ السلام تشكل نسبة كبيرة من الميزانيات العسكرية للدول المرسِلة، فضلا عن كونها مصدرا لتوفير رواتب الجنود خاصة البلدان الأقل نموا. وبحسب فورين بوليسي فهناك اليوم “مزاعم” تشير إلى أن بعض الدول تشارك في عمليات حفظ السلام من أجل الربح.

خطر

لكن محللين آخرين -تتابع المجلة- يحذرون من أن المشاركة في عمليات حفظ السلام لها تأثيرات مختلفة، إذ من المحتمل أن تؤدي إلى ترسيخ الحكم الاستبدادي والمساهمة في النزعة الانقلابية بالديمقراطيات الهشة مثل ما وقع في النيجر.

وحذر مقال فورين بوليسي من أن اعتماد القوى الكبرى المتزايد على الدول الأقل نموا، في توفير جنود لبعثات حفظ السلام، يجعلها تغض الطرف عن بعض الانتهاكات المسيئة، وتتردد في فرض عقوبات على تلك الأنظمة.

حتى أن الأمم المتحدة نفسها تبدو مترددة في التعبير عن موقفها بوضوح ضد الانقلابات العسكرية بالدول الأفريقية. وفي حالة النيجر مثلا، اكتفى الأمين العام للمنظمة الأممية أنطونيو غوتيريش بالتعبير عن “القلق العميق” لكن لم يصل الأمر إلى حد إصدار عقوبات أو التهديد بإيقاف مساعدات.

بل إن الأمر بلغ -تؤكد المجلة الأميركية- درجة أن بعض الدول استخدمت الأفواج المشاركة في حفظ السلام لإنشاء قوات مسلحة قوية، وبناء جيش قوي ينجر للإخلال بالتوازن مع السلطات المدنية، وخاصة داخل البلدان التي لديها تاريخ مع الانقلابات العسكرية.

وشدد المقال على أنه من المؤكد أن أسباب حدوث انقلابات تبقى معقدة ومتشابكة، لكن من الواضح أن المشاركة في عمليات حفظ سلام تعد من العوامل المحفزة على ذلك.

وأكد أن الدول التي ترسل قوات، للمشاركة مع الأمم المتحدة، هي الأكثر عرضة للانقلابات العسكرية، وغالبا ما تكون تلك القوات مسؤولة عن ذلك، مثل حالة الجنرال تياني ورفاقه في النيجر.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version