حذرت صحيفة نيويورك تايمز بافتتاحيتها من تصاعد المخاطر النووية في عام 2024، نتيجة توسع الترسانات النووية وانهيار المعاهدات وتزايد التوترات بين القوى العالمية، وقالت إن أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب فرصة للحد من هذه التوترات عبر إدارة محادثات للحد من التسلح النووي ومنع استئناف التجارب النووية وإعادة تقييم ميزانيات التطوير النووي، وإصلاح السياسات المتعلقة بسلطة إطلاق الأسلحة النووية.

وحثت الافتتاحية ترامب على اغتنام هذه الفرصة وتعزيز الاستقرار العالمي خصوصا وأن الولايات المتحدة وروسيا والصين مستمرات في تطوير مقوماتهن النووية.

وطرحت الافتتاحية سجل الرئيس القادم في قضايا السياسة النووية، ووصفته بأنه “متباين”، مشيرة إلى انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران مما أدى إلى تصاعد التوترات الإقليمية والدولية.

وفي المقابل، ذكرت أقوالا سابقة له تشير إلى وعيه بمدى خطر الأسلحة النووية وأهمية السيطرة عليها، كما أثنت على جهوده في الانخراط المباشر مع خصوم البلاد، وتضمن ذلك لقاءه مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والذي أظهر إمكانية استخدام الدبلوماسية لتخفيف المخاطر النووية.

كما أشارت الافتتاحية إلى أن القيادة الإيرانية الجديدة أبدت استعدادا للتفاوض، مما يتيح لترامب فرصة لإعادة بناء العلاقات مع إيران وتعزيز جهود الحد من انتشار الأسلحة النووية والبرنامج النووي الإيراني.

تصعيد عالمي

ووفقا للصحيفة الأميركية، تعمل الصين على مضاعفة عدد الرؤوس الحربية، التي قد تصل إلى 500 رأس نووي بحلول عام 2030، كما تواصل روسيا تهديداتها النووية في خضم حربها في أوكرانيا، أما كوريا الشمالية فباتت صواريخها تطال الولايات المتحدة الأميركية.

ولفتت الافتتاحية كذلك للهند وباكستان، وتمتلك كل منهما حوالي 170 رأسا حربيا، وتعملان على زيادة مخزونات الأسلحة النووية.

وحسب الافتتاحية، تدرس الدول الحليفة للولايات المتحدة أيضا تطوير برامج نووية، ويؤيد 70% من المواطنين في كوريا الجنوبية بناء أسلحة نووية، وقد لمح قادة الدولة إلى احتمالية امتلاكها.

وحذرت الافتتاحية من احتمالية أن تدفع كوريا الجنوبية النووية اليابان أو ألمانيا إلى أن تحذو حذوها، وصرحت أوكرانيا بالفعل بأنها قد تحتاج إلى أسلحة نووية إذا تأخرت عضويتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مما يزيد من عدم الاستقرار العالمي.

ما الأسلحة النووية التكتيكية؟

انهيار اتفاقيات الحد من انتشار الأسلحة النووية

وأشارت نيويورك تايمز إلى أن آخر اتفاقية ثنائية رئيسية تحد من ترسانات الولايات المتحدة وروسيا -وهي معاهدة ستارت الجديدة- تنتهي صلاحيتها بعد 14 شهرا فقط، وقد انهارت بالفعل اتفاقيات مثل “معاهدة القوات النووية ذات المدى المتوسط” و”معاهدة الفضاء المفتوح”، وقد بدأ هذا الانهيار منذ ولاية ترامب الأولى.

وحثت افتتاحية الصحيفة إدارة ترامب على اتخاذ إجراءات فورية لمنع المزيد من التصعيد، ابتداء بسياسة “عدم البدء باستخدام الأسلحة النووية” لتخفيف التوترات، وتنص السياسة على أن يقتصر استخدام الأسلحة النووية للرد على ضربة نووية وليس للهجوم العسكري، ويقلل ذلك من خطر وقوع حرب نووية.

وتابعت مؤكدة أن الحفاظ على الحظر العالمي للتجارب النووية أمر جوهري أيضا، وعلى الرغم من عدم وقوع أي تجارب منذ 30 عاما، إلا أن مواقع التجارب النووية الأميركية والروسية والصينية آخذة في التوسع.

وخصت الافتتاحية بتحذيرها الولايات المتحدة، التي أجرت أكثر من ألف تجربة نووية، وهو عدد يتجاوز ما أجرته روسيا والصين معًا، وحذّرت، الإدارة القادمة من أن استئناف هذه التجارب قد يؤدي إلى نشوب سباق تسلح نووي جديد.

إصلاحات سياسية للحد من المخاطر

واستعرضت نيويورك تايمز عدة إصلاحات يمكن للإدارة القادمة تنفيذها، ابتداء بضرورة إعادة تقييم خطة تحديث المقومات النووية الأميركية، وتبلغ تكلفة الخطة تريليونيْ دولار، وتتضمن تحديث أو استبدال المكونات القديمة لترسانتها النووية، مثل الصواريخ والقاذفات والغواصات.

وبحسب الافتتاحية، فإن استبدال جميع أنظمة الأسلحة في وقت واحد ليس ضروريا، نظرا لارتفاع التكاليف -كل صاروخ يكلف 18 مليون دولار- فضلا عن المكاسب الإستراتيجية الضئيلة، وبالتالي، تنصح الافتتاحية الإدارة القادمة بإعادة تقييم البرنامج أو مراجعته بشكل مستقل.

كما تؤكد الافتتاحية أن إصلاح سلطة الرئيس المطلقة في إطلاق الأسلحة النووية هو أولوية أخرى، فالقوانين الحالية تسمح لفرد واحد بإصدار قرار ضربة نووية دون ضوابط.

وحثت الافتتاحية الإدارة القادمة على النظر في التشريع الذي اقترحه عضو مجلس الشيوخ إدوارد ماركي والنائب تيد ليو الذي يهدف إلى وجوب موافقة الكونغرس على توجيه الضربات الأولى، ومن شأن ذلك تعزيز ضبط النفس وإبعاد الولايات المتحدة عن موقف روسيا النووي العدائي، دون تقويض سلطة الرئيس المنتخب.

وخلصت الافتتاحية إلى أنه على الرغم من عدم وضوح ما إذا كان ترامب قادرا على تحقيق وعده الانتخابي بـ”تحقيق السلام عبر القوة”، فإن على الأميركيين أن يأملوا أن يجعل العالم أكثر أمانا بنهاية ولايته الثانية، خاصة فيما يتعلق بالأسلحة النووية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version