بنغلاديش – جدد رئيس حكومة بنغلاديش محمد يونس دعوته إلى إعادة تنشيط منظمة “رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي”، التي لا تزال مجرد حبر على ورق دون تنفيذ فعلي، حسب قوله.

وكرر يونس دعوته عدة مرات، آخرها كان الأسبوع الماضي حيث شدد على أن “المشاكل بين البلدين (الهند وباكستان) لا ينبغي أن تؤثر على بقية دول جنوب آسيا”، إذ تقاطع نيودلهي قمم المنظمة منذ 2016، متهمة إسلام آباد بدعم “المتمردين الكشميريين”.

وتأتي دعوة بنغلاديش في ظل تصاعد التوتر مع الهند بعد الإطاحة بحكومة الشيخة حسينة واجد نتيجة للاحتجاجات الطلابية الشعبية في أغسطس/آب الماضي، وفي سياق التقارب النسبي بين داكا وإسلام آباد.

وتأسست رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي عام 1985، وهي منظمة حكومية دولية تضم جميع بلدان جنوبي آسيا، وتهدف لتوسيع نطاق التعاون، وتشمل النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي والتنمية الثقافية، وتجمع بلدان جنوب آسيا الثمانية في منصة واحدة.

تشكيك ومنافسة

وتُعتبر التوترات التاريخية بين الهند وباكستان حول كشمير -ذات الأغلبية المسلمة- العقبة الكبرى أمام عمل المنظمة، إذ ألقت النزاعات المستمرة بين الدولتين النوويتين بظلالها على جميع محاولات تعزيز التعاون الإقليمي.

وكان وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار علّق، خلال مؤتمر صحفي، على دعم باكستان المزعوم “للمتمردين” متسائلا: كيف يمكنكم الجلوس معا والتعاون في وقت يستمر فيه “الإرهاب” بهذا الشكل؟ معتبرا أن هذا بمثابة “تحد حقيقي لنا، فهل يمكنكم ببساطة تجاهله والمضي قدما؟ إن فعلتم ذلك، فأنتم تقبلونه كأداة مشروعة للحكم”.

ويرى قمر الحسن، الأستاذ في قسم الحكومة والسياسة في جامعة جهانجيرناجار في بنغلاديش، أن الهند تستغل قضية كشمير ذريعة لعزل باكستان، وأن مقاطعتها قمم المنظمة لا تستند إلى مبررات كافية، رغم إشارتها إلى قضية المتمردين في كشمير.

وقال للجزيرة نت إن الهند تُظهر رغبة في الهيمنة على الدول الأعضاء الأخرى، التي تُعد أصغر حجما وأقل تأثيرا من جميع النواحي، مما يسمح لها بالتعامل معها بشكل ثنائي وبعيدا عن الإطار الإقليمي الجماعي.

واعتبر الحسن أن هذا النهج قد يؤدي إلى تقويض أهداف المنظمة، مما يثير تساؤلات عن مستقبلها في ظل هذه السياسات المتعارضة.

من جهته، قال أحمد ناظر رئيس قسم السياسة والعلاقات الدولية بالجامعة الإسلامية العالمية في باكستان، إن بعض قمم الرابطة تأخرت بسبب الإجراءات التي اتخذتها الهند في العقود الماضية، والتي واجهت احتجاجات من سريلانكا ومالديف وبنغلاديش.

واستطرد أن “دول جنوب آسيا يجب أن تجتمع معا للتحدث والحوار من أجل حل مشاكلها”.

تقارب وبدائل

وفي السياق ذاته، أوضح ناظر، في حديثه للجزيرة نت، أن رئيس وزراء الهند الأسبق إندر كومار طرح عام 1997 “مبدأ جوجرال” الذي تضمن تقديم امتيازات تجارية للدول الإقليمية باستثناء باكستان، وقامت الهند بتأسيس مبادرة خليج البنغال للتعاون الاقتصادي والتقني المتعدد القطاعات، ورابطة حافة المحيط الهندي.

وقال المتحدث إن هذه المبادرات البديلة كانت تهدف إلى تقسيم رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي أو عزل باكستان، مشيرا إلى أن الهند تمكنت من تشكيل هذه المنصات بفضل وجود حكومات صديقة بما فيها بنغلاديش.

أما الحسن فأشار إلى أن كثيرين يعتقدون أن السياسة الخارجية لبنغلاديش خلال 15 عاما الماضية كانت تساير بشكل كبير السياسة الهندية، وأن هناك عدة أدلة تشير إلى أن السياسة الخارجية لحكومة الشيخة حسينة كانت متوافقة بشكل واضح مع المصالح الهندية، على حد تعبيره.

إعادة التنشيط

وعن الرابطة، قال ناظر إنه رغم اعتقاد البعض أن رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي لم تحقق النجاح المطلوب أو أصبحت قديمة، فإنه يمكن إعادة تنشيطها، وأن الأمر -برأيه- يتطلب من زعماء جنوب آسيا، خصوصا من الهند وباكستان وبنغلاديش، أن يلعبوا دورا بناء في تعزيز التعاون الإقليمي، مما سيساعد في إعادة إحياء الرابطة.

في حين يرى الحسن أن إعادة تنشيط الرابطة قد تكون مهمة معقدة لأن التنافس المستمر بين الهند وباكستان يشكل عقبة رئيسية لا يمكن التغلب عليها بسهولة، حيث تستمر التوترات بين البلدين في التأثير على الدينامية الإقليمية.

ويضيف أن العلاقات “العدائية” بين الهند وبنغلاديش تعد عاملا آخر يعوق جهود إعادة تنشيط الرابطة، وأن الشعب في بنغلاديش ينظر إلى الدعم الهندي المستمر لحكومة الشيخة حسينة السابقة على أنه السبب وراء ظهور “نظام فاشي” قوّض حقوق الشعب.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version