قالت ليبراسيون إن الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد الذي استقر في موسكو بعد طرده من سوريا ينضم إلى مجموعة طويلة من الطغاة والمستبدين الذين أجبروا على الرحيل من دون إكمال ولايتهم “مدى الحياة”.

وتساءلت الصحيفة الفرنسية عن المستقبل الذي ينتظر “جزار دمشق” في بلاد الرئيس فلاديمير بوتين، لترسم -في تقرير بقلم فرانسوا كزافييه غوميز- 5 سيناريوهات محتملة لنهايته انطلاقا من مصير أسلافه.

  • أولا، أيام هادئة في الخارج مثل منغستو

في مايو/أيار 1991، غادر المقدم منغستو هيلا مريام أديس أبابا على عجل، ليسقط بذلك النظام الماركسي الثوري الذي فرضه هذا العسكري في يوليو/تموز 1974، بعد الإطاحة بالإمبراطور هيلا سيلاسي (ملك الملوك) وإعدامه.

وبدأت مرحلة “الإرهاب الأحمر” لمطاردة المعارضين والأقليات عام 1977، وانطلق القمع بقسوة، قبل أن تتردى البلاد في مجاعة لا تبقي ولا تذر في الأعوام 1984-1985.

وبعد اتحاد حركات المعارضة المسلحة انزلقت البلاد إلى حرب أهلية، وفي النهاية أدت النكسات إلى هروب منغستو عام 1991، ليجد ملجأ في زيمبابوي لدى صديقه الرئيس روبرت موغابي الذي رفض تسليم ضيفه المتهم بقتل ما لا يقل عن مليون إثيوبي، وحكم على منغستو غيابيا عام 2006 بعقوبة الإعدام، وحتى بعد وفاة موغابي عام 2019 لا يزال المقدم السابق (87 عاما) يعيش بسلام في هراري في فيلا جميلة تحت حراسة شديدة.

  • ثانيا، الموت في الغربة مثل بن علي

تم إعلان الحبيب بورقيبة أول رئيس لتونس بعد الاستعمار عام 1957، ثم رئيسا للدولة مدى الحياة، ولكن رئيس وزرائه زين العابدين بن علي أطاح به عندما وصل عمره 84 عاما، لينتخب رئيسا مكانه في انتخابات كان هو المرشح الوحيد فيها، ثم بنسب تزيد على 90% لاحقا في انتخابات “تعددية”.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2010، انتحر بائع بسبب مضايقات الشرطة له، مما أشعل البلاد بالمظاهرات، إيذانا بانطلاق “الربيع العربي”، وفي 14 يناير/كانون الثاني رحل زين العابدين بن علي وزوجته وأطفالهما جوا تحت الضغط الشعبي إلى جدة بالمملكة العربية السعودية.

أصدر القضاء التونسي مذكرة توقيف بحق الزوجين في 93 تهمة وطلب تسليمهما، ولكن السعودية رفضت، فحوكم بن علي غيابيا وحكم عليه بما يزيد على 200 عام في السجن، ولكنه ظل يعيش حياة مترفة ونظم في يناير/كانون الثاني 2019 حفل زفاف فخما لابنته على مغني راب، ثم توفي بالسرطان عن عمر يناهز 83 عاما.

 

  • ثالثا، القتل في المنفى مثل سوموزا

حكمت سلالة سوموزا بلاد نيكاراغوا بين عامي 1936 و1979، وتراكمت لديها ثروة هائلة، قبل أن تنتهي الحرب الأهلية فيها عام 1979 بانتصار مقاتلي جبهة التحرير الوطني، ليرحل أناستاسيو سوموزا جونيور محملا بحقائب مليئة بالأوراق النقدية متجها إلى قصره في ميامي، ثم إلى باراغواي، حيث قدم له ألفريدو ستروسنر الضيافة.

لم يمكث ساموزا في منفاه الجديد سوى أقل من عام، قبل أن تدمر سيارته المرسيدس في 17 سبتمبر/أيلول 1980، بقذيفة “آر بي جي” على يد فرقة كوماندوز نفذت “عملية الزواحف” وغادرت باراغواي دون وقوع أي حادث بمجرد إنجاز مهمتها.

  • رابعا، العودة إلى البلاد من الباب الخلفي مثل بيبي دوك

تشبه سلالة دوفالييه (بيبي دوك) في هاييتي بسلالة سوموزا، حيث حكم الأب والابن بين عامي 1957 و1986، وأدمنت على اغتيال المعارضين، متمتعة بدعم الولايات المتحدة ماليا وعسكريا لتجنب عدوى الشيوعية التي سيطرت على كوبا.

وفي عام 1985، تحدى السكان القمع للتعبير عن سخطهم، وتحولت المظاهرات إلى حمام دم، لدرجة أن الرئيس الأميركي آنذاك رونالد ريغان سحب دعم واشنطن، وأمر جان كلود دوفالييه بترك السلطة، وهو ما فعله في فبراير/شباط 1986، وفر إلى فرنسا -تحت حكم فرانسوا ميتران– حيث يمتلك أصولا عقارية كبيرة.

رفعت ضد دوفالييه عدة قضايا في فرنسا وسويسرا وفي بلاده، ولكن بتهمة الاختلاس فقط، دون قبول تلك المتعلقة بالاغتيالات والجرائم ضد الإنسانية، وفي يناير/كانون الثاني 2011، عاد بيبي دوك بشكل غير متوقع إلى هاييتي بعد 25 عاما من المنفى، لتبدأ محاكمته بعد عامين، ولكنها لم تنته بسبب وفاته في أكتوبر/تشرين الأول 2014 عن 63 عاما.

  • خامسا، العودة في جسد ابنه مثل ماركوس

كان يُنظر إلى الجندي السابق فرديناند ماركوس، الذي انتخب ديمقراطيا رئيسا للفلبين عام 1965، باعتباره مصلحا، سمحت إجراءاته الليبرالية بالانطلاقة الاقتصادية وأطلق الإصلاح الزراعي، ولكن سلطته أصبحت شخصية بعد إعادة انتخابه عام 1969، وتركزت على مصالح عشيرته العائلية وأصدقائه في الجيش، ثم أعلن الأحكام العرفية من أجل محاربة الشيوعية عام 1972، وسجن بمساعدة حلفائه الأميركيين 70 ألف معارض.

لم يتم رفع حالة الطوارئ حتى عام 1981، وكانت الانتخابات الرئاسية التي تلت ذلك بمثابة انتصار لماركوس الذي كان المرشح الوحيد الذي جعلته أساليبه الاستبدادية مشهورا، ولكن زوجته إيميلدا سرقت الأضواء، ​​وجمعت الآلاف من حقائب اليد الفاخرة وأزواج الأحذية، لتصبح رمزا عالميا لإهدار المال غير المحدود في بلد غارق في الفقر.

بعد انتخابات مزورة أخرى، وضعت انتفاضة شعبية حدا للحزب، ورحلت عائلة ماركوس إلى هاواي في فبراير/شباط 1986، وهناك توفي الدكتاتور عام 1989، لتعود إيميلدا إلى الفلبين عام 1992، وتنتخب عضوا في البرلمان، وتعمل على الترويج لمسيرة ابنها فرديناند ماركوس جونيور، الذي انتخب رئيسا عام 2022، تجسيدا للدكتاتور المتعطش للدماء الذي نهب خزائن الدولة بلا خجل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version