تعرضت روسيا خلال حربها مع أوكرانيا لعدة ضربات بحرية موجعة أبرزها غرق السفينة “موسكفا” رائدة الأسطول الروسي في البحر الأسود، واستعادة القوات الأوكرانية جزيرة الأفعى الإستراتيجية، في الأشهر الأولى للحرب المستمرة منذ فبراير/شباط 2022.

وقالت مجلة لوبس الفرنسية إن أوكرانيا، ورغم إغراق معظم سفنها أو الاستيلاء عليها في الأسابيع الأولى من الحرب، واصلت شن معركة بحرية شرسة ضد روسيا من خلال عمليات خاطفة بواسطة صواريخ ومسيّرات.

وتصاعدت المعركة البحرية خاصة في البحر الأسود عندما أغلقت روسيا الباب أمام الاتفاق الذي يسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية، فكانت الضربة الواسعة ضد مقر الأسطول الروسي في البحر الأسود في سيفاستوبول آخر حلقة في هذه المعركة.

وتزامنت الضربة مع اجتماع لكبار ضباط البحرية الروسية، وأسفرت -حسب كييف- عن مقتل 34 ضابطا وإصابة 500 وتدمير كامل للمقر الروسي “لا يمكن إصلاحه”.

تضاعف الهجمات

واستعرضت المجلة عدة عمليات قامت بها القوات البحرية الأوكرانية كدليل على تضاعف الهجمات في البحر الأسود، من بينها تنفيذ قوات أوكرانية غارة ليلية في أقصى غرب شبه جزيرة القرم، وكذلك إطلاق عملية على متن الزوارق السريعة لاستعادة أبراج بويكو.

إضافة إلى ما جاء في مقطع مصور نشرته كييف يظهر وحدات النخبة تتسلق على منصة مهجورة قبل أن ترفع علمها الأزرق والأصفر، حيث “تمكنت -حسب كييف- من الاستيلاء على مخزون من ذخيرة طائرات الهليكوبتر، بالإضافة إلى رادار نيفا، الذي يجعل من الممكن تتبع تحركات السفن في البحر الأسود”.

كما أطلقت القوات الأوكرانية 10 صواريخ على الأحواض الجافة في سيفاستوبول، مما أدى إلى خروج سفينتين “حاسمتين” من الأسطول الروسي عن الخدمة، هما الغواصة روستوف وسفينة الإنزال “مينسك”، مع ما يترتب على ذلك من عواقب فورية على القدرات الروسية في المنطقة.

ويقلل تدمير “روستوف” من احتمالات إطلاق صواريخ كروز من طراز “كاليبر” على أوكرانيا، كما يبعث تحييد السفينة “مينسك” برسالة قوية أخرى إلى موسكو مفادها أن أوكرانيا مستعدة الآن لدرء أي محاولة إنزال في أوديسا.

تخفيف للحصار

ويعد إنهاء موسكو لاتفاقية الحبوب أحد الدوافع الرئيسية وراء هذه الضربات، بعد أن أعلنت روسيا أن أي سفينة تجارية تحاول الوصول إلى ميناء أوكراني ستعد بمثابة هدف عسكري.

وهذا الحصار البحري هو ما تحاول أوكرانيا الالتفاف عليه بمساعدة المخابرات الغربية، وبفتح ممر جديد عبر موانئها النهرية وعلى طول السواحل بعيدا عن الأسطول الروسي.

وقد أعلنت المملكة المتحدة أنها مستعدة لحماية الممر، وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك “سوف نستخدم خدماتنا الاستخباراتية والمراقبة والاستطلاع للسيطرة على النشاط الروسي في البحر الأسود”.

لوبس: الاستهداف التدريجي لمحطات رادار العدو والبنية التحتية والقيادة العليا، تبدو “واحدة من أكثر الإستراتيجيات فعالية في التاريخ الحديث”

بدورها، أكدت روسيا أن إستراتيجية مكافحة الحصار هذه “تم تنفيذها بناء على طلب من أجهزة المخابرات الأميركية والبريطانية” وبالتنسيق معها، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا “ليس هناك أدنى شك في أن الهجوم على سيفاستوبول تم التخطيط له مسبقا باستخدام أجهزة المخابرات الغربية ومعدات الأقمار الصناعية التابعة لحلف شمال الأطلسي وطائرات الاستطلاع.

وفي الوقت نفسه، استخدمت المسيّرات والصواريخ الأوكرانية لشن هجمات معقدة ضد الدفاعات الجوية الروسية، بما في ذلك بطارية الدفاع الجوي “إس-400” التي دمرتها النيران الأوكرانية.

وقال المحلل مايكل هورويتز إن “أوكرانيا تضرب 3 عصافير بحجر واحد”، إذ يؤدي هذا التسلسل للهجمات إلى إضعاف الدفاعات الجوية الروسية وإفساح المجال أمام العمليات التجارية والعسكرية الأوكرانية المستقبلية في البحر الأسود.

كما يفرض، وفقا لهورويتز، “منطقة حظر” بحكم الأمر الواقع على الجزء الغربي من البحر الأسود، والهدف منه هو القضاء على تهديد صواريخ كروز، وتمكين الاستئناف الآمن لحركة الملاحة البحرية في البحر الأسود.

وخلصت المجلة إلى أن هذه الإستراتيجية البحرية الأوكرانية، مع الاستهداف التدريجي لمحطات رادار العدو والبنية التحتية والقيادة العليا، تبدو “واحدة من أكثر الإستراتيجيات فعالية في التاريخ الحديث”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version