واشنطن- يُعد انضمام الرئيس جو بايدن إلى عمال السيارات المُضربين عن العمل في مدينة ديترويت أمس الثلاثاء عملا استثنائيا؛ إذ إنها المرة الأولى التي يشارك فيها رئيس أميركي عمالا مضربين عن العمل في فترة حكمه.

وجاءت الزيارة تلبية لدعوة من رئيس نقابة عمال السيارات شون فين، رغم عدم إعلان النقابة تأييدها بايدن في سباق الانتخابات الرئاسية 2024 حتى الآن.

وبدأ الإضراب -الذي يغطي الآن 38 مصنعا ومركز توزيع في 20 ولاية- في 15 سبتمبر/أيلول الحالي، بسبب الخلافات حول نسبة زيادة الأجور خلال السنوات الأربع المقبلة.

وتطالب النقابة بزيادة بنسبة 40%، في حين لم يعرض عمالقة صناعة السيارات الأميركية (جنرال موتورز وفورد وستيلانتس) أكثر من 20% زيادة في الأجور.

وجاءت زيارة بايدن قبل يوم واحد من زيارة الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يغيب عن المناظرة الثانية بين المرشحين الجمهوريين الليلة، ويتحدث عوضا عنها أمام عمال السيارات في إحدى ضواحي مدينة ديترويت.

وأثبت ترامب أن الحزب الجمهوري يمكن أن يكون منافسا على أصوات العمال خاصة البيض منهم، ورغم فوز بايدن على ترامب في الولايات الصناعية في انتخابات 2020، فإنه لم يظفر بأغلبية كبيرة من أصوات العمال البيض؛ لذا فإن الزيارات مهمة لكلا المرشحين.

تاريخية الزيارتين

يقول البروفيسور بكلية السياسة والحكومة في جامعة جورج ميسون بولاية فيرجينيا جيريمي ماير إن زيارات بايدن تُعد “مشكلة كبيرة؛ فلم يزر أي رئيس عمالا مضربين عن العمل منذ عقود”.

ورأى أن الخطوة “دليل على أن الحزب الديمقراطي يتحرك إلى اليسار في الاقتصاد، رغم أنه كان دائما حزبا له علاقات قوية جدا مع كل من العمال وأصحاب رؤوس الأموال والشركات في الوقت نفسه”.

وبيّن ماير أنها “خطوة مهمة كذلك بالنسبة لترامب”؛ “فمعظم الجمهوريين كانوا مؤيدين للشركات وأصحاب رؤوس الأموال، لدرجة أنه كان ينظر إليهم على أنهم مناهضون للنقابات العمالية”.

ووفق ماير، فإن “الحزب الجمهوري اليوم يتحول إلى حزب شعبوي يحظى ببعض الدعم من أعضاء النقابات، أو على الأقل هذا ما يحاولون القيام به”.

كومبو لبايدن وترامب

كيف سترد شركات السيارات؟

تُصعّب زيارة الرئيس الديمقراطي وأكبر مرشّح جمهوري منافس له من موقف شركات السيارات الأميركية في مفاوضاتها مع نقابة عمال السيارات.

وأكد البروفيسور ماير للجزيرة نت أن “شركات صناعة السيارات ليست لديها أي لعبة أخرى تقوم بها في هذه الحالة، عندما يحتضن المرشحان الرئيسيان لانتخابات 2024 من كلا الحزبين نقابة العمال، فهذا يُضعف موقف الشركات التفاوضي”.

ولم يتفق مع الطرح السابق مايكل ماكواري خبير السياسات العمالية ومدير مركز العمل والديمقراطية والأستاذ المشارك في جامعة ولاية أريزونا؛ إذ توقع -في حديث للجزيرة نت- أن ترفض الشركات المصنعة التدخل السياسي ما لم يكن يستهدف تسوية لإنهاء الإضراب.

وقال إنه من غير المرجح أن يكون لأي من الزيارتين تأثير كبير على مفاوضات رفع نسبة الأجور، مستبعدا تراجع رئيس نقابة عمال السيارات شون فين عن مطالب النقابة، “على الأقل حتى يجف صندوق تمويل الإضراب”، حسب تعبيره.

الموقف من ترامب

وتساءل ماير: “كيف سيكون رد فعل النقابة على دعم ترامب، خاصة أنها دعمت منافسه بايدن في انتخابات 2020؟”

وقال “هم يهاجمونه بسبب تعيينه قضاة معروفين بمواقفهم ضد حقوق العمال، كما أن سياساته كرئيس كانت مناهضة للنقابات. فهل يرحبون به ويتطلعون إلى العمل معه، أم العكس؟”

واستبعد ماكواري أن يحظى ترامب بتأييد نقابة عمال السيارات، لأنه “عارض العمال في معظم القضايا الرئيسية”، وقال خبير السياسات العمالية إن “النقابات الوحيدة التي يهتم بها ترامب كثيرا هي تلك التي تؤيده”.

ميشيغان حلبة منافسة

وللمرة الأولى في موسم الحملة الانتخابية الذي بدأ مبكرا، يتنافس بايدن وترامب مباشرة على أصوات الناخبين أنفسهم في ولاية ميشيغان، ويحاول كل منهما جذب عمال السيارات في الولاية إلى جانبه.

وفاز ترامب بولاية ميشيغان -التي تملك 16 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي- في انتخابات عام 2016، بفارق ضئيل أمام هيلاري كلينتون، ثم عاد وخسرها لصالح بايدن بفارق ضئيل أيضا عام 2020.

وتعتمد أجندة بايدن بشكل كبير على دعم إنتاج السيارات الكهربائية في معركة الحد من تغير المناخ. ومنح قانون بايدن لخفض التضخم حوافز مالية كبيرة لشركات السيارات لصنع المزيد منها، من دون تخصيص ضمانات لتحسين أجور العمال وظروفهم، لذلك لم تعلن النقابة حتى الآن تأييدها لأي من المرشحين.

وتضم نقابة عمال السيارات ما لا يقل عن 145 ألف عضو، وهو ما يضاعف أهمية كتلة العمال التصويتية.

ولا يقتصر تركز عمال مصانع السيارات على ولاية ميشيغان، إذ توجد نسبة كبيرة منهم في ولايتي ويسكونسن وبنسلفانيا كذلك.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version