تباينت آراء المحللين والمراقبين بشأن الدافع وراء عدم الاستجابة لمطلب بيروت بضرورة تقييد حركة قوات بعثة “اليونيفيل” إلى لبنان بمرافقة الجيش اللبناني خلال جلسة مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية تلك البعثة عاما جديدا.

فبينما رأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني قاسم قصير أن ذلك جاء بضغوط أميركية وإسرائيلية “وربما عربية كذلك للأسف” لا مبرر لها، أرجع عضو مجلس الأمن القومي الأميركي سابقا أندرو تابلر ذلك لوجود قلق حقيقي إزاء نشاطات حزب الله على الحدود.

في حين ربط الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهند الحاج علي الأمر بارتفاع حدة التوتر على الحدود، “الذي زاد بنشاط فصائل فلسطينية في الداخل اللبناني”.

ووصف قصير، في تصريحات له لبرنامج “ما وراء الخبر” (2023/8/31)، ترحيب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي بالقرار بأنه موقف مبدئي يعكس التأييد اللبناني العام لتمديد مهمة البعثة، رغم عدم الاستجابة لمطالب لبنان.

وكان القرار، الذي أجيز بتأييد 13 عضوا وامتناع روسيا والصين عن التصويت عليه، قد واجه صعوبات أجّلت اقتراعا بشأنه كان مقررا يوم الأربعاء، وأسفت مندوبة لبنان لعدم استجابته لجميع مطالب بلدها، كما أعرب مندوب الصين عن أسفه لما سماه تجاهل القرار لمطالب الدولة المعنية.

تمديد ضروري

ومضى قاسم في حديثه لـ”ما وراء الخبر” يؤكد على أهمية التمديد لقوات اليونيفيل بسبب الأوضاع على الحدود، مشيرا إلى مساهمتها في تخفيف التوتر الذي حصل في أوقات الاعتداءات الإسرائيلية، كما لعبت دورا مهما في رعاية الاتفاق الذي حصل بشأن الترسيم البحري، ومن ثم يمكن أن يكون لها دور في استكمال معالجة الخروق الإسرائيلية.

وبرأي قصير، فإنه ليس هناك خيار أمام لبنان غير التعامل مع تلك القوات، و”المرحلة تستلزم المزيد من التعاون في ظل التوتر الحاصل على الحدود”، مشددا على أن التنسيق مع الجيش اللبناني يصب في صالح تلك القوات، وعدمه ينعكس سلبا عليها، في وقت لا يشكل فيه فارقا لدى حزب الله.

ويذهب الكاتب اللبناني إلى أنه رغم التوترات الحاصلة، فإن هناك مصلحة أميركية وكذلك إيرانية في المحافظة على الاستقرار خاصة مع بدء الحفر للبحث عن الغاز، مشيرا إلى أن واشنطن سعت خلال الأيام الماضية من خلال التواصل مع جميع الأطراف لتخفيف التوتر، “فاندلاع حرب بالمنطقة سيؤدي لمواجهة شاملة لا تصب في مصلحة أي طرف”.

حزب الله والنشاط الفلسطيني

بالمقابل، برر عضو مجلس الأمن القومي الأميركي سابقا أندرو تابلر موقف بلاده الرافض لطلب بيروت بوجود قلق حقيقي إزاء نشاطات حزب الله على الحدود، والتي تزايدت رغم ترسيم الحدود البحرية بين البلدين الذي كان من المفترض أن يؤدي للتعايش، حسب تقديره.

وأضاف، في حديثه لما وراء الخبر، أن الانتهاكات التي حصلت خلال الشهور الأخيرة، والتغيرات المختلفة الحاصلة في البيئة الأمنية بالمناطق الحدودية، كانت مبعث الجدل والنقاش الذي حصل في اجتماعات مجلس الأمن، والانحياز الأميركي للموقف الفرنسي الرافض لمطلب لبنان.

وبحسب تابلر، فإن التجديد لقوات اليونيفيل سيساعد على حفظ السلام بين الدولتين، لكن الأهم، حسب رأيه، وهو تكوّن شعور لدى الطرفين بأن أي صدام سيؤدي لدمار كل منهما.

بدروه، يرى الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهند الحاج علي أن أهمية قوات اليونيفيل تضاعفت نتيجة ارتفاع حدة التوتر على الحدود، “الذي زاد بنشاط فصائل فلسطينية في الداخل اللبناني”، على حد قوله.

وأشار إلى خطاب سابق للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والذي قال فيه إن كل تلك القرارات حبر على ورق، وما يهم هو ما تقرره قوى الواقع، لافتا في هذا السياق لحادث مقتل جنود من القوات الدولية، الأمر الذي استدعى تنسيقا أعلى مع الجيش اللبناني.

صندوق رسائل

ويرى علي أن لبنان تحوّل إلى صندوق رسائل بين أطراف دولية، وأن هناك قابلية أكثر لاندلاع نزاع كما كان عليه الأمر قبل 4 سنوات، مرجعا ذلك للتوتر الإيراني الأميركي والنشاط الفلسطيني المسلح على الأراضي اللبنانية، إضافة إلى توتر الأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ثم اكتسب التمديد أهميته مع تزايد عوامل الانفجار.

يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي أنشا قوة حفظ السلام المؤقتة التابعة اللأمم المتحدة (يونيفيل) عام 1978 استنادا إلى القرار الدولي رقم 425، وجرى تعزيزها بعد حرب صيف 2006 بين حزب الله وإسرائيل للسهر على تنفيذ القرار رقم 1701 ومساعدة الحكومة اللبنانية في بسط سلطتها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version