الخليل- تسود حالة من القلق والترقب أوساط اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بعد تشريع الكنيست الإسرائيلي قانونا يحظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في إسرائيل والقدس، حيث يقع مقر عمليات الوكالة في الضفة المحتلة.

ويبدي مستفيدون من خدمات الوكالة -في أحاديث منفصلة للجزيرة نت- مخاوف من توقف الخدمات التي يحصلون عليها وربما عدم تلقي الموظفين لرواتبهم في حال قطعت البنوك الإسرائيلية علاقتها بالمنظمة الأممية.

وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول أقر الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) بشكل نهائي حظر أنشطة الأونروا، ثم في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أبلغت إسرائيل الأمم المتحدة بإلغاء الاتفاقية الخاصة بعمل الوكالة مما يعني حظر أنشطتها.

شريان حياة

في روتين اعتاد عليه طوال السنوات الأربع الماضية، حضر المسن الفلسطيني عبد العزيز أبو رحمة إلى العيادة الطبية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في مدينة دورا جنوبي الضفة، للحصول على رزمة أدوية يحصل عليها شهريا.

يشرح أبو رحمة حالته “عندي مشاكل صحية في القلب وضغط وسكري وأزمة في الصدر، وأحصل من الوكالة شهريا على 7 أصناف من الأدوية ولا قدرة لي على شرائها من الخارج”.

ينحدر المواطن الفلسطيني من قضاء الرملة في أراضي 48، ويستفيد من خدمات الوكالة هو وزوجته و3 من أبنائه وزوجة ابنه المتوفى و4 من أطفالها.

ويضيف “أنا لا أعمل ولا أستطيع أن أعمل، والوكالة تشكل لي شريان حياة حيث أحصل منها على مساعدات منتظمة إضافة إلى العلاج والأدوية وتعليم الأطفال”.

يشعر أبو رحمة بالقلق منذ أعلنت سلطات الاحتلال حظر الوكالة، مضيفا “إغلاقها كارثة وسيضرنا، كلنا نعتمد عليها، لا نستطيع تخيل أنفسنا بلا مساعدات ولا علاج أو تعليم أو عمل”.

ا-فايز أبو مقدم مهندس سابق في أونروا - الجزيرة نت 15 نوفمبر 2024

قرار كارثي

غير بعيد عن العيادة الطبية، يعيد المهندس فايز أبو مقدم، ذكرياته أمام مدرسة الإناث التابعة للوكالة في المدينة، والتي تلتحق بها بناته المتفوقات دراسيا.

يشير أبو مقدم إلى جدار إسمنتي يحيط بالمدرسة ويقول إنه أشرف على بنائه عندما كان يعمل مهندسا بمكتب رئاسة الوكالة الأممية بين عامي 1982 و1984، موضحا أنه أشرف أيضا على شق الشارع المحاذي لها وللمركز الصحي، بعد أن كان طريقا ترابيا مخصصا للسير على الأقدام.

وحضر المهندس الفلسطيني أيضا للحصول على حصته الدوائية من المركز، مضيفا أن الوكالة “توفر الأدوية والعلاج والعمليات الجراحية بمساهمات بسيطة من اللاجئين، إضافة إلى خدمات التعليم المميزة”.

ويضيف “عندي 5 أولاد وبنات متفوقون في الدراسة ومعدلاتهم بين 98 و99، يحصلون على تعليم جاد ومميز، ولا أتخيل كيف سيكون مصيرهم إذا أغلقت مدارس الوكالة أبوابها، إنه قرار كارثي”.

خدمات مقلصة

وتواصلت الجزيرة نت مع عدد من موظفي الوكالة لسؤالهم عن مخاوفهم بعد حظر أونروا، لكنهم امتنعوا عن الحديث التزاما بما قالوا إنها تعليمات من الوكالة الدولية بعدم التعليق لوسائل الإعلام.

لكن رئيس اللجنة الشعبية في مخيم الفوار، التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، عفيف غطاشة، أشار في حديثه للجزيرة نت إلى “مخاوف جدية للاجئين من توقف خدمات الوكالة المقلصة أصلا، نتيجة منع دخول موظفيها الأمميين وقطع العلاقة معها وربما وقف تحويل الأموال لاحقا وحرمان الموظفين من رواتبهم”.

وأضاف “كما تعلم رئاسة الوكالة في حي الشيخ جراح بالقدس وقرار تصفيتها سيلقي بظلاله على المخيمات واللاجئين بالضفة”.

واعتبر أن حظر الوكالة “خطوة لتصفية قضية اللاجئين كشاهد على النكبة واللجوء، ولا يمكن لأي بديل أن يحل محلها” مضيفا أن “الوكالة أسست بقرار دولي وارتبط وجودها بملف اللاجئين ولا يمكن إنهاء وجودها دون حل قضية اللاجئين”.

وأشار غطاشة إلى تقليص الوكالة خدماتها في السنوات الأخيرة “سياسة الوكالة الحالية عدم التوظيف الدائم والاكتفاء بالتوظيف المؤقت (العمل بالمياومة)، ولا يوجد بناء لمدارس جديدة ولا صيانة للمدارس القائمة، وتوقفت بعض الخدمات الصحية، وتراجعت المساعدات الإغاثية، وتم رفع نسبة مساهمة اللاجئين في الحوالات الطبية إلى المشافي”.

لاجئو الضفة

وتأسست الأونروا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين من خدمات إغاثية وصحية وتعليمية في مناطق عملياتها الخمس: الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة.

ويعيش ربع اللاجئين في الضفة الغربية -والمقدر عددهم بنحو 828 ألفا من بين نحو مليونين و700 ألف فلسطيني- في 19 مخيما رسميا، في حين يعيش معظم الآخرين في المدن والقرى، وفق معطيات الوكالة على موقعها الإلكتروني.

ويستفيد من برنامج التعليم في الضفة نحو 48 ألف طالب وطالبة مسجلون في 96 مدرسة، في حين يتبع الوكالة 43 مركزا صحيا، يسجل فيها نحو 895 ألف زيارة سنويا تقريبا.

كما يستفيد من برنامج الإغاثة 36 ألف لاجئ تقريبا، واجتماعيا يتوزع في الضفة 19 مركزا نسويا، كما تم منح قروض بسيطة لنحو 135 ألف لاجئ قيمتها الإجمالية قرابة 190 مليون دولار.

ويوم أمس الأربعاء، قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة “إن خطر انهيار الوكالة يهدد حياة ومستقبل الناس والمجتمعات، واستقرار المنطقة”. وأضاف أن “الأونروا مكلفة بتقديم الخدمات الأساسية بشكل مباشر، بما في ذلك التعليم لأكثر من نصف مليون فتى وفتاة”.

وقال “إن التشريع الذي أقره الكنيست يشكل ضربة مروّعة لموظفينا، حيث يخشى 17 ألف موظف في الأرض الفلسطينية المحتلة أن يفقدوا وظائفهم”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version