رام الله- عرف العالم صالح العاروري من خلال وسائل الإعلام كقيادي في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ثم نائبا لرئيس الحركة بعد إبعاده من فلسطين سنة 2010، لكن جوانب كثيرة في شخصيته لا يعرفها إلا مقربون منه، وتحديدا مَن رافقوه في الاعتقال.

يتفق أسرى سابقون عاشوا مع العاروري وتحدثوا للجزيرة نت عن صفاته الشخصية كإنسان، بعيدا عن أدواره السياسية، أنه كان قائدا مهابا ومفكرا صاحب رأي سديد وحكمة، لديه قدرة كبيرة على الإقناع، حتى لإدارات السجون التي كان يعتقل فيها.

يذكر أن العاروري (57 عاما) ساهم في تأسيس كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، وقضى 18 عاما في سجون الاحتلال، واتهمته إسرائيل بالوقوف خلف العديد من العمليات التي نفذتها المقاومة في الضفة الغربية، واغتاله الاحتلال و6 من رفاقه أمس الثلاثاء، في شقة بالعاصمة اللبنانية بيروت، بعد سنوات من وضعه على قائمة الاغتيالات.

“صاحب حكمة ودهاء”

يقول الأسير السابق فؤاد الخفش، إن العاروري أمضى سنوات طويلة في العزل، وعندما أُخرج إلى الأقسام مع باقي الأسرى، كان شرط إدارة السجون أن لا يتقلد أي موقع أو منصب قيادي بين الأسرى.

ويضيف “كان العاروري كثير القراءة للكتب وفي مختلف المجالات، وله ورد يومي من القرآن الكريم والأذكار بعد صلاة الفجر، لكنه لم يكن مولعا بالرياضة ولم أره يوما يمارسها”.

وعن علاقته بالأسرى، يقول الخفش إن “إدارة حياة الأسرى لها نظام وتشكيلات حزبية وقيادة، لكن العاروري كان بمثابة القائد الأعلى، وبرضى الجميع لأي قسم أو سجن يدخله، لما يتمتع به من علم وحكمة وقوة وشجاعة”، ويتابع المتحدث ذاته أن العاروري “كان محبوبا من جميع الأسرى حتى من باقي الفصائل، وهو صاحب حكمة ورأي سديد، ذكي جدا يتسم بالدهاء”.

أما عن ذكائه فيقول الخفش إنه “استطاع ولأول مرة عام 2009 أن يقنع إدارة السجون الإسرائيلية، رغم رفضها الشديد، بتجميع قيادات حركته داخل السجون في سجن النقب، وذلك تحت عنوان التشاور خلال مفاوضات التبادل لتنفيذ صفقة وفاء الأحرار”.

كما أشار الخفش إلى أن العاروري تحرك من اليوم الأول للانقسام عام 2007 سعيا للمّ الشمل الفلسطيني، وبادر إلى لقاء قيادات كبيرة في السلطة الفلسطينية.

“خُلق للقيادة”

من جهته يقول الأسير السابق “ي.ر” إنه عاش إلى جانب العاروري في سجن النقب سنة كاملة في الغرفة نفسها، “كان يبادر إلى عمل القهوة كل صباح ويعطيني فنجانا، كان دائم الحركة والانشغال وإعطاء الدروس والمواعظ، ويلتف حول الأسرى بدون غياب”.

وأضاف الأسير السابق ذاته: “العاروري لم يكن إنسانا عاديا، بل خُلق للقيادة، وكان قائدا وخطيبا مفوّها، يفرض احترامه على الجميع لما يتمتع به من تواضع وحسن الخلق، فهو صاحب فكر ورؤية”.

وعن علاقاته داخل السجن قال ي.ر: “كان سهل العشرة والمجلس، يمتلك الحلول المرضية لكل المشاكل مهما استعصت، سواء بين عناصر حماس أو مع الفصائل الأخرى”، أما عن علاقته مع إدارة السجون فقال إنه “كان مقنعا وقادرا على احتواء وتطويق أي مشكلة”.

ويتابع المتحدث ذاته أنه كان “كريما لدرجة أنه كان يوزع الهدايا والأغراض التي تأتيه في الزيارات العائلية على باقي الأسرى، بل إنه باع قطعة أرض يملكها حتى يساعد أسيرا آخر كان يعاني صعوبات مالية”.

ويستذكر الأسير السابق حادثة عام 1992؛ حين شعر العاروري أن اعتقاله سيطول، طلب منه أن يخبر خطيبته (خطيبة العاروري) خلال الزيارة بالأمر، حتى لا يظلمها ويطول انتظارها، فكان ردها أنها ستنتظره مهما طال الاعتقال، ثم أفرج بعد ذلك عن العاروري وتزوجا وأنجبت منه ابنتين.

شخصية قوية ومهابة

أما “ز.ع” الذي عاش مع العاروري في سجن رام الله عام 1994، قبل قيام السلطة الفلسطينية، فقال “من كان يلتقي العاروري كان يهابه من أول نظرة، لما يتمتع به من قوة شخصية، لكن سرعان ما يكتشف فيه التواضع”.

وأضاف في الشهادة ذاتها: “كان رجلا وحدويا، تحبه عناصر كافة الفصائل، كان أعز أصدقائه الشهيد عماد عوض الله (استشهد عام 1998)، وكانا يجلسان معا معظم الوقت. أذكر أن برشه (سريره) كان دائما بجوار برش الشهيد عماد”.

وتابع ز.ع: “كان يهتم بالصغار ويقربهم إليه، ويداوم على عقد حلقات العلم، ويُكِنّ حبا لمدينة الخليل وأهلها، حيث درس الشريعة الإسلامية في جامعتها”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version