انتهى سريان الاتفاق الذي ينظم الوجود العسكري الفرنسي في النيجر، بعدما ألغى قادة الانقلاب حزمةً من الاتفاقات العسكرية المبرمة مع باريس، في حين تواصلت المظاهرات المطالبة برحيل القوات الفرنسية عن البلاد.

وقال مصدر عسكري للجزيرة إن القوات الفرنسية التزمت بمواقعها داخل قاعدتها فقط منذ انتهاء سريان الاتفاقية، مضيفا أن قوات الجيش والشرطة النيجرية واصلت تعزيز وجودها داخل القاعدة العسكرية وفي محيطها، حيث صدرت لها أوامر بمراقبة أي تحرك للقوات الفرنسية من القاعدة.

وكان مصدر عسكري في النيجر قال للجزيرة إن المجلس العسكري وجّه بتسليح الشرطة في العاصمة والمناطق المتاخمة لها، وأبقى على حالة التأهب في صفوف الجيش.

في الوقت ذاته، تستمر المظاهرات المطالبة برحيل القوات الفرنسية بالتزامن مع انتهاء أجل الاتفاق الذي ينظم الوجودَ العسكري الفرنسي في النيجر.

وتظاهر آلاف المحتجين من أنصار الانقلاب لليوم الثالث على التوالي، وواصل بعضهم اعتصاما يستمر أياما أمام القاعدة الفرنسية في العاصمة نيامي، وذلك تلبية لدعوة وجهتها جمعيات مساندة للمجلس العسكري بهدف التنديد بمواقف فرنسا ومطالبتها بسحب قواتها من البلاد.

كما طالب المتظاهرون باريس بسحب سفيرها، واحترام سيادة النيجر، علما بأن المجلس العسكري كان اتهم باريس بالتدخل الصارخ في شؤون بلاده عبر دعم الرئيس المخلوع محمد بازوم.

وشارك أعضاء من المجلس العسكري في المظاهرات المطالبة بإنهاء الوجود العسكري الفرنسي في النيجر، والرافضة للتدخل الفرنسي في “تحديد السلطة الشرعية في البلاد”، وذلك على غرار ما واجهته فرنسا في بوركينا فاسو ومالي.

وفرنسا هي الدولة الأكثر تأثر بانقلابات غرب أفريقيا حيث تضاءل نفوذها على مستعمراتها السابقة في المنطقة خلال السنوات الماضية مع تزايد الانتقادات الشعبية. وطردت مالي وبوركينافاسو المجاورتان القوات الفرنسية بعد انقلابين هناك.

 

سلمية المظاهرات

من جهته، قال منسق ما تعرف بحركة “62” في النيجر عبد الله سيدي للجزيرة إن الحركة حريصة على سلمية المظاهرات والحشود المنددة بفرنسا وبمواقفها من النيجر.

وأضاف أن باريس تبحث عن ذريعة للتدخل عسكريا في النيجر بعد أن تأكدت من عدم إمكانية تدخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”.

وفي الثالث من أغسطس/آب الماضي، أعلن المجلس العسكري في النيجر إلغاء اتفاقيات عسكرية عدة مبرمة مع فرنسا تتصل -تحديدا- بتمركز الكتيبة الفرنسية التي تنشر 1500 جندي في البلاد بدعوى المشاركة في محاربة الإرهاب والجماعات المتطرفة.

كما سحبت النيجر الحصانة الدبلوماسية والتأشيرة من السفير الفرنسي سيلفان إيت، وطلبت منه “مغادرة” البلاد بموجب أمر من وزارة الداخلية صدر الخميس الماضي وقرار من المحكمة العليا في نيامي صدر الجمعة، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وفي أواخر يوليو/تموز الماضي، نفذ عناصر الحرس الرئاسي بالنيجر انقلابا أطاح بالرئيس محمد بازوم، وأعلنوا تعليق العمل بالدستور، وتشكيل “مجلس وطني لإنقاذ الوطن”، ثم حكومة تضم مدنيين وعسكريين.

فرنسا تشكو وتبرر

من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا -أمس الأحد- إن قوات بلادها بالنيجر لم يعد بإمكانها تنفيذ مهماتها هناك، وذلك بعد يوم من بدء احتشاد الآلاف أمام القاعدة الفرنسية في نيامي، ومطالبتها بمغادرة البلاد.

واعتبرت الوزيرة أن قوات بلادها موجودة لدعم مكافحة من سمتها جماعات إرهابية ولتنفيذ أنشطة تدريبية، مضيفة -في مقابلة مع صحيفة “لوموند”- أن التدخل الفرنسي في أفريقيا كان دائما بطلب من السلطات المحلية، وكلما قل الحضور الفرنسي هناك زاد انعدام الأمن، على حد قولها.

كما رأت كولونا أن باريس ليست مضطرة إلى الانصياع لسلطات “غير شرعية” بخصوص سفيرها، مؤكدة أنه باق في نيامي.

وبينما قالت الوزيرة إن قادة الانقلاب في النيجر لم يتحركوا بتوجيه من فاغنر أو روسيا، قال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو -في حوار مع صحيفة “لوفيغارو”- إن المناخ المعادي لفرنسا في أفريقيا وقفت وراءه روسيا بصورة كبيرة.

في الأثناء، قال حَسّومي مسعودو وزير الخارجية في حكومة الرئيس المحتجز محمد بازوم إن استعدادات مجموعة “إيكواس” للتدخل العسكري في النيجر دخلت مرحلة متقدمة.

وأضاف مسعودو -في حديث لقناة فرنسية- أن هذه الاستعدادات ليست حربا على النيجر، بل هي عملية لمرة واحدة، وتهدف إلى استعادة سلطة الرئيس بازوم، على حد قوله.

كما استبعد الوزير مسعودو أن يلجأ قادة الانقلاب إلى اقتحام مقر السفير الفرنسي في نيامي، نظرا لمخاطر هذه العملية عليهم، وفق تعبيره.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version