قضى سكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ليلة مروعة مساء الخميس، حيث شن الجيش الإسرائيلي عدة غارات جوية استهدفت كتلة سكنية مكتظة بالمدنيين الفلسطينيين. وأسفر القصف عن استشهاد 33 شخصا، بينهم أطفال ونساء ومسنون، وإصابة وفقدان نحو 84 آخرين، وفقا لبيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

وحولت الغارات الإسرائيلية المنطقة الهادئة نسبيا إلى كومة من الركام، وسط أصوات الصراخ والاستغاثة من تحت الأنقاض. وأفاد شهود عيان بأن المشهد كان مروعا، حيث تناثرت الجثث والأشلاء في كل مكان. وقال محمد البيومي، أحد سكان المنطقة: “كنا على وشك النوم، عندما بدأت الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف مربعنا السكني المكتظ بالسكان والنازحين”.

وأضاف أن “الجثث تناثرت فوق الأنقاض وتحتها، ووجوه الأطفال الشهداء كانت مهشمة، في حين رسمت الأطراف المبتورة صورة مأساوية لهذه الليلة”. وأشار إلى أن الهجوم دمر منازل عائلات البيومي والحاج والشيخ علي بجوار مبنى البريد قرب مقبرة القسام.

عمليات إنقاذ بدائية

هرعت طواقم الدفاع المدني إلى موقع المجزرة لإنقاذ الجرحى وانتشال الجثث بإمكانيات بدائية، حيث استخدمت الفرق أدوات يدوية بسيطة للتعامل مع الركام الكثيف في ظل نقص حاد للمعدات والموارد. وانتشرت مقاطع فيديو تظهر أحد عناصر الدفاع المدني يحمل سيدة مسنة على ظهره بين أكوام الركام لإنقاذ حياتها.

وضمن تقرير لوكالة الأناضول، قال أحد الناجين -يدعى سامر الشيخ علي- “انهالت الصواريخ فجأة، وكل شيء حولنا انهار. خرجنا بصعوبة من تحت الركام، لكن عشرات من جيراننا لم يخرجوا حتى اللحظة”. وتساءل بحسرة: “أين العالم من هذه المجازر؟ أين الزعماء والرؤساء العرب؟ أليس ما يحدث هنا منافيا لكل القوانين الإنسانية؟”.

ونقل عدد كبير من المصابين إلى مستشفى العودة بالنصيرات، حيث امتلأت الأسرة بالجرحى وسط نقص شديد في الأدوية والمستلزمات الطبية. ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، فإن 60% من الأدوية الأساسية و83% من المستلزمات الطبية قد نفدت بسبب الحصار الإسرائيلي.

وفي إحدى غرف المستشفى، جلست والدة الشاب فادي البيومي تبكي بحرقة بجانب جثمانه، بعدما استشهد وهو يحتضن طفله “علي”. وقال أحد الأطباء: “نعمل بما هو متوفر لإنقاذ حياة الجرحى، ولكن الوضع كارثي”.

ارتفاع عدد شهداء قصف الاحتلال على مخيم النصيرات إلى 30 وتواصل البحث تحت الأنقاض

إدانة دولية غائبة

ونددت وزارة الخارجية الفلسطينية بالمجزرة ووصفتها بأنها نتيجة لتخاذل المجتمع الدولي. وقالت في بيان إن المجزرة “تعكس فشل المجتمع الدولي في تنفيذ قراراته والتزاماته، مما يشجع الاحتلال على تعميق جرائمه بحق الشعب الفلسطيني”. وطالبت الوزارة بوقف العدوان الإسرائيلي فورا وتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين.

بدوره، أكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن هذه المجازر تأتي في إطار سياسة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مستهدفة المدنيين والبنية التحتية على حد سواء.

وأسفرت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول عن استشهاد وإصابة أكثر من 151 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى تدمير واسع للبنية التحتية ومرافق الحياة الأساسية.

وفي الوقت الذي تتجاهل فيه إسرائيل مذكرات اعتقال دولية صادرة بحق زعمائها، يستمر صمت المجتمع الدولي، مما يزيد من معاناة سكان غزة الذين يعيشون واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية على مر التاريخ.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version