سيطر الهدوء على أسواق النفط الخام بسبب عطلات الأعياد الغربية، وعدم صدور أي بيانات اقتصادية في الفترة الراهنة يمكن أن تؤثر في معنويات السوق، لكن تبقى المخاطر الجيوسياسية هي الأوسع تأثيرا، بحسب محللين تحدثوا لـ”الاقتصادية”.
وقال بنك جولدمان ساكس “إن تخفيضات الإمدادات من قبل (أوبك +)، والانتعاش الاقتصادي المحتمل في الصين، فضلا عن مخاوف متواضعة بحدوث ركود أمريكي، تأتي كثلاثة عوامل رئيسة تدعم الأسعار وتحد من احتمالات انخفاض النفط”.
وسيظل الطلب على النفط مستقرا في الأعوام المقبلة، لكن من الواضح أيضا أن هناك كثيرا من المعروض الإضافي في السوق الآن، مع تزايد إنتاج النفط الأمريكي بسرعة.
وفي هذا الإطار، قال محللون نفطيون “إن صناعة النفط العالمية تتأثر بشكل كبير بالتغير في إمدادات النفط العالمية من كبار منتجي الشرق الأوسط وكذلك بصناعة البتروكيماويات المتنامية في الصين وتأثيرها الرئيس في الاستهلاك العالمي للنفط”.
وأوضح المحللون أن الزيادة المستمرة في الإنتاج من النفط خاصة من دول خارج تحالف “أوبك +” إلى جانب تباطؤ نمو الطلب يشكلان تحديات أمام أغلب المنتجين الذين يسعون إلى حماية حصتهم في السوق والحفاظ على أسعار النفط المرتفعة.
وذكروا أن نمو إمدادات النفط الأمريكية سلك الاتجاه الصعودي المفاجئ في عام 2023 حيث يتجه إلى نمو بمقدار مليون برميل يوميا ليصل إلى مستوى قياسي يبلغ 12.9 مليون برميل يوميا، ومع ذلك تباطأت أنشطة الحفر في الولايات المتحدة بشكل ملحوظ هذا العام ما يشير إلى أن الولايات المتحدة ستشهد نموا أكثر تواضعا في العرض في عام 2024.
وأشاروا إلى وجود عدة عوامل تحد من أنشطة الحفر الأمريكية وأبرزها تركيز الصناعة على عوائد المساهمين وتضخم التكاليف وتشديد شروط الائتمان وزيادة الدمج داخل الصناعة.
وفي هذا الإطار، قال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، “إن (أوبك +) تواصل جهودا مكثفة لضبط الإيقاع في السوق وتحقيق التوازن بين العرض والطلب”، مبينا أن نمو إمدادات النفط الخام العالمية كان محدودا في عام 2023 بسبب تخفيضات الإنتاج الطوعية بقيادة السعودية وانخفاض أهداف الإنتاج من دول “أوبك +” الأخرى.
ولفت إلى أن الدول الأعضاء في “أوبك +” خفضت إنتاج النفط الخام بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا في عام 2023، ما يعوض جزئيا نمو الإنتاج البالغ 2.4 مليون برميل يوميا من قبل المنتجين من خارج “أوبك +” بقيادة الولايات المتحدة والبرازيل وجيانا، إضافة إلى زيادات من دول أعضاء في “أوبك +” لكن معفاة من القيود الإنتاجية مثل إيران وفنزويلا.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، “إن الضبابية المحيطة بالاقتصاد العالمي تربك حسابات المراقبين”، مبينا أن هناك قدرا كبيرا من عدم اليقين بشأن الطلب على النفط في عام 2024، نظرا لعدم اليقين بشأن الصورة الكلية في العام المقبل.
من ناحيته، ذكر ماثيو جونسون المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن “أوبك” قدمت في تقريرها الأخير رؤية إيجابية بشأن توقعاتها بأن الطلب سيرتفع بمقدار 2.25 مليون برميل يوميا في عام 2024 بما يفوق تقديرات لهيئات وبنوك دولية معنية بسوق الطاقة.
وتوقع أن تمثل آسيا -والصين على وجه الخصوص- معظم نمو الطلب في العام المقبل، حيث من المرجح أن توفر الصين أكثر من 60 في المائة من الزيادة في استهلاك النفط الخام، مشيرا إلى أنه من ناحية أخرى وبسبب تباطؤ التنمية الاقتصادية من المتوقع أن ينخفض الطلب قليلا في أوروبا والأمريكتين في العام المقبل.
بدورها، قالت تيتي أولاور مدير التسويق في شركة سيتا النيجيرية لتجارة النفط، “إنه في الأغلب ستشهد أسعار خام غرب تكساس الوسيط وبرنت ركودا في الربع الأول من العام الجديد، على أن ترتفع في الربع الثاني من عام 2024 بسبب موسم صيانة المصافي الأمريكية في الربع الأول”، لافتة إلى خفض بنك جولدمان ساكس توقعاته لسعر النفط لعام 2024 بنسبة 12 في المائة بسبب الإنتاج الأمريكي الوفير.
ولفتت إلى توقعات بنك وول ستريت أخيرا بلوغ متوسط سعر خام برنت 81 دولارا للبرميل في عام 2024، بانخفاض عن تقديراته السابقة البالغة 92 دولارا للبرميل، كما توقع أن يصل خام برنت إلى ذروته عند 85 دولارا للبرميل في يونيو المقبل، موضحة أن تعديل التوقعات يرجع إلى المكاسب المستمرة في سرعة الحفر وكثافة استكمال الآبار في الولايات المتحدة.
وفيما يخص الأسعار، سجل أمس 79.07 دولار للبرميل للعقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت، كما سجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 73.56 دولار للبرميل، حيث استقرت أسعار البترول على انخفاض طفيف.
وسجلت أسعار النفط في الأسواق العالمية مكاسب أسبوعية، حيث ارتفع خام القياس العالمي برنت بنحو 3.3 في المائة، كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنحو 2.9 في المائة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version