استمرت تقلبات أسعار النفط الخام بفعل زيادة مفاجئة في مخزونات الخام الأمريكية، ووسط متابعة التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط.
وتنامت نسبيا الضغوط الهبوطية على أسعار النفط بعد أن أدى التراكم المفاجئ في مخزونات الخام الأمريكية إلى تقويض التهديد الذي تتعرض له الإمدادات بسبب غياب الاستقرار في المنطقة.
ويقول مختصون ومحللون نفطيون إن أساسيات السوق الحالية تشير إلى وجود سوق نفط متوازنة أو فائض قليلا، ما يلقي بظلال من الشك على احتمال حدوث طفرة كبيرة في الأسعار ولكن بعض الدوائر التحليلية تذهب إلى احتمال أن أسعار النفط قد تصل إلى 110 دولارات للبرميل بحلول نهاية مارس وأبريل. وأوضح المختصون أن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، محورية في تكهنات السوق المستقبلية على الرغم من أن بعض المحللين يعتقدون إلى حد كبير أنه من غير المرجح حدوث تصعيد كبير.
وتوقع المختصون أن تؤدي زيادة العرض وضعف الأسعار والنمو المعتدل للطلب إلى انخفاض أسعار النفط هذا العام، ما لم يحدث انقطاع كبير في الإمدادات.
ورجح المختصون أن يستمر إنتاج النفط الخام الأمريكي في النمو وإن كان بوتيرة أبطأ، كما يسلط الإنتاج والطلب الصيني الضوء على ظروف السوق الصعبة والتوقعات غير المؤكدة للنفط في 2024.
وفي هذا الإطار، قال لـ”الاقتصادية” هيرويوكي كينوشيتا، المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة، إن فائض العرض وضعف الأسعار ونمو الطلب الفاتر هي العوامل الثلاثة التي قد تقود إلى انخفاض أسعار النفط والتي يتوقع مراقبو السوق أن تصبح السيناريو الأكثر ترجيحا لهذا العام.
ونوه إلى أنه بعد أن سجلت أول خسارة سنوية لها بعد 2020، شهدت أسعار النفط انتعاشا سريعا خلال الأسبوع الأول من العام الجديد، مدفوعة باستمرار القلاقل في المنطقة، مشيرا إلى تأكيد بنك جولدمان ساكس أن نمو العرض في العام الماضي خاصة الإمدادات الأمريكية كان مفاجئا، وقد يستمر هذا العام، ما يضع سقفا للأسعار العالمية. من جانبه، ذكر لـ”الاقتصادية” أندرو موريس، مدير شركة “بويري” الدولية للاستشارات، أن إنتاج النفط الخام الأمريكي سيستمر في النمو، ولكن بوتيرة أكثر اعتدالا، مشيرا أيضا إلى ارتفاع إنتاج النفط من البرازيل. وأضاف أنه على جانب الطلب تستمر المخاوف الاقتصادية التي من شأنها أن تكون بمنزلة قوة ضاغطة على الطلب على النفط ومع ذلك، فإن انخفاض أسعار النفط يعني انخفاض أسعار الوقود، وهو الأمر الذي من شأنه أن يحفز الطلب.
ولفت إلى تأكيد شركة ديلويت أنها تتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط 72 دولارا للبرميل هذا العام، وهو ما يمثل انخفاضا 7 في المائة في متوسط خام غرب تكساس الوسيط لعام 2023. من ناحيته، أوضح لـ”الاقتصادية” أندريه جروسي، مدير شركة “إم إم إيه سي” الألمانية أنه من المتوقع أن يستمر نمو إنتاج النفط بقوة هذا العام، ما يجعل مهمة “أوبك” في استعادة التوازن أكثر صعوبة، خاصة إذا كان الطلب العالمي على النفط محدودا هذا العام.
وبين أنه كان من شأن تخفيضات “أوبك +” بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا أن تدفع أسعار النفط إلى الارتفاع بشكل كبير، ولكن التجار يركزون حاليا على نمو إنتاج الولايات المتحدة إلى جانب جيانا والبرازيل والطلب الصيني الذي من المتوقع أن يتقلص هذا العام.
ونوه إلى أنه من المرجح أن تكون مخاطر العرض والطلب الأساسية أكثر ميلا نحو الجانب السلبي مع وجود مخاطر سياسية تصاعدية دائما، كما يراقب التجار بيانات المخزونات، التي في الوقت الحالي لا تظهر سوقا ضيقة.
بدورها، ذكرت لـ”الاقتصادية” ويني اكيللو، المحللة الأمريكية في شركة “أفريكان إنجنيرينج” الدولية، أن النصف الثاني من عام 2023 شهد عمليات اندماج متسارعة في صناعة النفط الصخري الأمريكي مع توقعات بمزيد من عمليات الاندماج والاستحواذ في 2024 مثل استحواذ إكسون على شركة بايونير للموارد الطبيعية وشراء شركة شيفرون لشركة هيس متوقعة مزيدا من الصفقات واسعة النطاق في الأشهر المقبلة. وأفادت بأن المتداولين أصيبوا بخيبة أمل بسبب نمو الطلب دون المستوى في العام الماضي، والأنظار تتجه بقوة نحو الصين.
وأوضحت أن التوقعات معتدلة هذا العام، إذ يتوقع المحللون أن يتعثر الطلب ولكن إذا ظلت الأسعار منخفضة، فإن الصين ستشتري مزيدا ولو لملء صهاريج التخزين لديها فقط، منوهة إلى أن هذا حدث من قبل وسيحدث مرة أخرى إذا توفرت الظروف المناسبة.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات أمس، بعد تراجع الأربعاء بفعل زيادة مفاجئة في مخزونات الخام الأمريكية، ووسط متابعة التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط.
وكشفت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية بنحو 1.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الخامس من يناير مسجلة 432.4 مليون برميل، وهو ما جاء عكس توقعات المحللين بانخفاضها بمقدار 700 ألف برميل.
وكتب محللون لدى آي.جي جروب في مذكرة أن العوامل التي تضغط في الاتجاه الهبوطي، بما في ذلك ارتفاع المخزونات وزيادة الإنتاج، تقابلها عوامل مثل التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط.
وتوقعت المذكرة أن تراوح أسعار النفط بين 67 دولارا و77 دولارا للبرميل خلال المدى القريب،
فيما من المقرر أن تصدر إدارة الجمارك الصينية بيانات التجارة لديسمبر اليوم الجمعة، ما سيوفر صورة للطلب الإجمالي للعام بأكمله لدى أكبر مشتر للنفط في العالم. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 78.98 دولار للبرميل الأربعاء و78.28 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثاني ارتفاع على التوالي، وأن السلة استقرت تقريبا، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي والذي سجلت فيه 78.80 دولار للبرميل.
110 دولارات سعر متوقع للنفط في مارس .. التوترات محورية في تكهنات السوق
قد يهمك أيضاً
© 2024 الشرق اليوم. جميع الحقوق محفوظة.