واجهت أسعار النفط الخام ضغوطا هبوطية بفعل زيادة مفاجئة في مخزونات النفط الخام الأمريكية، في وقت تزيد فيه تحديات تحقيق التوازن بين أسعار النفط الملائمة لانتعاش الصناعة وتعزيز الاستثمارات واستقرار الاقتصاد العالمي.
ويقول لـ”الاقتصادية” مختصون، “إن (أوبك +) تسعى حثيثا لتوازن السوق، لذا قررت في 30 نوفمبر الماضي خفض إنتاج النفط بمقدار مليون برميل يوميا بدءا من يناير 2024”.
ورجح المختصون أن البرازيل لن تحد من إنتاجها النفطي رغم انضمامها لمجموعة “أوبك +” من بداية العام الجديد، لافتين إلى أن أوبك تدير العرض بكفاءة وتريد أيضا الحفاظ على حصتها من إنتاج النفط العالمي وحجم الصادرات أو زيادتها، وأنها لن تسمح بخسارة كثير من حصتها في السوق لأن ذلك يعطل قدرتها على التأثير في السوق.
وفي هذا الإطار، قال أندرو موريس مدير شركة “بويري” الدولية للاستشارات “إن تخفيضات إنتاج تحالف (أوبك +) الممتدة حتى نهاية الربع الأول من العام الجديد أو ربما أكثر من ذلك تلقى مقاومة من قبل طفرة جديدة من إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، ما يقلل من جهود دعم الأسعار”.
وأشار إلى أن تحالف “أوبك +” يؤكد مرارا أنه لا يستهدف الأسعار في الأساس، وأن وجود عدد من المنتجين المؤثرين من خارج التحالف يجعل من الصعب على أي جهة فرض السلطة على التسعير.
من جانبه، يرى أندريه جروسي مدير شركة “إم إم إيه سي” الألمانية أن تخفيضات إنتاج النفط في “أوبك +” بشكل مستمر ومرن تؤدي في النهاية إلى تجفيف بعض الإمدادات الفائضة.
ونوه بأن أغلب التوقعات تميل إلى مصلحة قيام تحالف “أوبك +” بخفض الإنتاج مرة أخرى في العام المقبل.
من جانبه، ذكر مفيد ماندرا نائب رئيس شركة “إل إم إف” النمساوية للطاقة، أن زيادة مخزونات الخام الأمريكية قاومت استمرار وتيرة مكاسب النفط، حيث كشفت البيانات الحكومية عن تراكم كبير في المخزونات الأمريكية وتسجيل إنتاج أمريكي قياسي، ما زاد من المخاوف المستمرة بشأن زيادة العرض.
وأشار إلى بقاء المخزونات النفطية الأمريكية في مركز التخزين الرئيس في كوشينج في ولاية أوكلاهوما عند أعلى مستوياتها منذ أغسطس، ما ضغط على الأسعار، لافتا إلى تأكيد شركة سي إي بي سي أن صفقات السوق قصيرة والمعنويات ليست جيدة وأن المضاربين على الانخفاض لن يتخلوا عن فرضيتهم القائلة إن “السوق ستكون متوازنة مع زيادة العرض في العام المقبل”.
وتتفق ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية مع أن السوق قد تكون متقلبة مع اقتراب عطلة رأس العام ومع تراجع نشاط التداول، مشيرة إلى هدوء وتيرة المكاسب بعد الانفراجة في العلاقات الأمريكية الفنزويلية، ما زاد من تقليص علاوة المخاطرة، كما قلل من احتمال إعادة فرض العقوبات على فنزويلا.
وأشارت إلى أن المعنويات السائدة في سوق النفط الخام هبوطية حيث لا يزال المستثمرون لا يتوقعون تشديد “أوبك +” للإنتاج على نحو واسع في الربع المقبل، بالنظر إلى زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة وجيانا والبرازيل، وقد انخفضت أسعار النفط الأمريكي بنحو 8 في المائة منذ بداية العام الجاري.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، انخفضت أسعار النفط خلال تعاملات أمس، وسط زيادة مفاجئة لمخزونات النفط الأميركية، وتتجه الأسعار وفقا لتلك الخسائر لإنهاء سلسلة من المكاسب استمرت ثلاثة أيام.
وكانت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أظهرت ارتفاع مخزونات النفط الأمريكية 2.9 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 15 ديسمبر مسجلة 443.7 مليون برميل، وهو ما جاء عكس توقعات بانخفاضها بنحو 2.3 مليون برميل.
كما كشفت البيانات ارتفاع الإنتاج الأمريكي من الخام عند مستوى قياسي 13.3 مليون برميل يوميا الأسبوع الماضي.
وفي سياق منفصل، كشف التحالف الذي يفرض سقفا سعريا على النفط الروسي بقيادة أمريكا عن تغييرات في نظام الالتزام الخاص به، وسط تأكيدات بأن تلك التغييرات ستجعل من الصعب على المصدرين الروس تجاوز هذا السقف.
أما فيما يتعلق بتداعيات الاضطرابات الحالية في البحر الأحمر على إمدادات النفط، قال محللون “إن التأثير محدود حتى الآن، لأن الجزء الأكبر من خام الشرق الأوسط يتم تصديره عبر مضيق هرمز”.
فيما صرح أدفيزوري ناوهيرو نيمورا الشريك في شركة الأبحاث والاستشارات ماركت ريسك بأنه نظرا لعدم وجود تخفيضات إضافية في الإنتاج من قبل “أوبك +” هذا العام فإن أسعار النفط ستظل في ذلك النطاق على الأرجح حتى نهاية العام.
وعلى صعيد التداولات، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 0.49 في المائة إلى 79.31 دولار للبرميل. كما انخفضت عقود الخام الأمريكي بنسبة 0.53 في المائة مسجلة 73.84 دولار للبرميل.
وارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 81.24 دولار للبرميل يوم الأربعاء عن 79,19 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق خامس ارتفاع على التوالي، وإن السلة كسبت نحو ثمانية دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 73.91 دولار للبرميل”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version