توقع مختصون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري، بعد أن حققت أول مكاسب أسبوعية خلال شهرين بفعل تراجع مخاوف رفع سعر الفائدة الأمريكية، وتقلص توقعات الركود.
وأوضحوا لـ”الاقتصادية”، أن استهلاك النفط والغاز والفحم شهد نموا، وسجلت أنواع الوقود الثلاثة مستويات قياسية جديدة في 2023، لكن في الوقت نفسه كانت الطاقة المتجددة مزدهرة وكان الإنتاج من طاقة الرياح والطاقة الشمسية في جميع أنحاء العالم في 2023 أعلى بنحو 55 في المائة عما كان عليه في 2020.
وسلطوا الضوء على تقرير “وود ماكينزي”، الذي يؤكد ثقة السوق بقوة الطلب على النفط مع تجدد حماس شركات النفط والغاز في أمريكا الشمالية لتنمية الإنتاج وانتعاش منشآت الطاقة بشكل عام في الولايات المتحدة، متوقعين أن تكون هناك تطورات رئيسة في مجال الطاقة والموارد الطبيعية العام المقبل.
وأشار المحللون إلى توقعات أوبك نمو الطلب على النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنحو 2.4 مليون برميل يوميا في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة “كيو إتش إيه” لخدمات الطاقة “إن أسعار النفط الخام أقرب إلى المكاسب مجددا بفعل آمال تعافي الطلب وتقلص مخاوف الركود”، مشيرا إلى أن هناك زيادة كبيرة في إنتاج النفط من خارج أوبك بنحو مليوني برميل يوميا، ما زاد الضغط على مجموعة “أوبك +” لخفض إنتاجها لمنع انخفاض الأسعار.
ورجح أن يتباطأ النمو خارج أوبك إلى 0.8 مليون برميل يوميا في العام المقبل فقط، مشيرا إلى أن العامل الأكبر في التباطؤ المتوقع هو احتمال حدوث تباطؤ حاد في نمو إنتاج النفط الأمريكي في 2024 لكن بلدانا أخرى بما في ذلك البرازيل ستسهم أيضا في زيادة النمو، كما سيؤدي التباطؤ من خارج أوبك إلى تخفيف الضغط الذي واجهته “أوبك +” في 2023.
ويرى، دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية أن منتجي النفط والغاز في الولايات المتحدة يواصلون تعزيز الاستثمارات وزيادة الإمدادات، مشيرا إلى أنه ربما تكون أكبر قصة شاملة من صناعة النفط والغاز الأمريكية في العام المقبل هي مكاسب الكفاءة.
وأشار إلى أهمية اتفاق فنزويلا وجيانا على مواصلة الحوار بشأن الأراضي المتنازع عليها والغنية بالنفط والمعادن، حيث تم تشكيل لجنة مشتركة لمعالجة هذه القضية، ما سيسهم في تعزيز المعروض النفطي العالمي.
وأكد بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة أن الطلب العالمي سيحقق طفرات في العام المقبل، ما يدعم الأسعار، بحسب تقديرات أوبك، مشيرا إلى تحول نشاط البتروكيماويات بشكل متزايد إلى الصين، حيث سجل الطلب الصيني على النفط في سبتمبر أعلى مستوى له على الإطلاق فوق 17 مليون برميل يوميا مدعوما بازدهار قطاع البتروكيماويات.
وأضاف أنه “جاءت هذه المكاسب على حساب منتجي البتروكيماويات في أماكن أخرى، وعلى الأخص في أوروبا والاقتصادات المتقدمة في آسيا، حيث نجد أن أوروبا ضعيفة بشكل خاص، وسط الركود الصناعي والتصنيعي واسع النطاق في القارة”.
وبدورها، تقول أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة أفريكان ليدرشيب الدولية “إن التقلبات السعرية مستمرة بشكل غالب في السوق النفطية، لكن أسعار النفط حققت أول مكسب أسبوعي في شهرين في ختام الأسبوع الماضي، مع تراجع المخاوف من تشديد السياسات النقدية في أغلب البنوك المركزية في الدول الصناعية الكبرى”.
وأبرزت بيانات أوبك التي نوهت بأن توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعام 2023 تبقى دون تغيير عن تقديرات الشهر الماضي عند 2.5 مليون برميل يوميا، مشيرة إلى أن المراجعات الهبوطية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ في الربع الثالث من عام 23 والربع الرابع من عام 23 تقابلها مراجعات صعودية في الأمريكتين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، تراجع النفط عند التسوية، بنهاية تعاملات الجمعة 15 ديسمبر، لكنه حقق أول مكاسب أسبوعية في شهرين، وسط قرارات البنوك المركزية بتثبيت أسعار الفائدة.
وانخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي بنحو 15 سنتا أو 0.21 في المائة لتصل عند التسوية إلى 71.43 دولار للبرميل. كذلك تراجعت العقود الآجلة لخام برنت ستة سنتات أو 0.08 في المائة لتصل عند التسوية إلى 76.55 دولار للبرميل بنهاية تعاملات الجمعة.
وتعثرت السوق في وقت سابق من الجلسة بعدما أظهر مسح لنشاط التصنيع الصادر عن بنك الاحتياطي الاتحادي في نيويورك حدوث تراجع في الطلبيات الجديدة للشهر الثالث، وهو ما قد يكون مؤشرا على ضعف حجم الطلب على النفط في العام المقبل.
وتأثر المتعاملون أيضا بتعليقات من جون وليامز رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في نيويورك يوم الجمعة حول الآمال في خفض أسعار الفائدة في العام المقبل.
وانخفض الدولار إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر الخميس 14 ديسمبر، بعد تعليقات باول التي توقع فيها خفض تكاليف الاقتراض في 2024.
وفي التقرير الشهري لأوبك، أبقت المنظمة على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط دون تغيير عند 2.5 مليون برميل يوميا في 2023، كما أبقت على التقديرات لمستويات الطلب في العام المقبل عند 29.9 مليون برميل يوميا.
كما استفادت الأسعار من إعلان الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع أنه سيخفض على الأرجح تكاليف الاقتراض العام المقبل. وتوقع محللون أن يبدأ الفيدرالي في خفض الفائدة في 2024 “لكن ليس بالوتيرة المتوقعة”، مشيرين إلى خفض محتمل قدره 85 نقطة أساس خلال العام، خلافا لما تظهره توقعات أسواق العقود الآجلة “120 نقطة أساس”.
من جانب آخر، انخفض إجمالي عدد منصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة بمقدار اثنتين هذا الأسبوع، بعد ارتفاعه بمقدار عشر على مدار الأسابيع الأربعة الماضية.
وذكر تقرير شركة بيكر هيوز الأمريكية المعنية بأنشطة الحفر أن إجمالي عدد منصات الحفر انخفض إلى 624 منصة هذا الأسبوع، وقد قدرت شركة بيكر هيوز خسارة 160 منصة حفر نشطة.
وأوضح أنه يقل عدد منصات الحفر هذا الأسبوع بمقدار 451 منصة عن عدد منصات الحفر في بداية عام 2019، قبل الوباء.
وأشار إلى انخفاض عدد منصات النفط بمقدار اثنتين إلى 501 وقد انخفض عدد منصات النفط الآن بمقدار 119 منصة مقارنة بهذا الوقت من العام الماضي، بينما بقي عدد منصات الغاز على حاله هذا الأسبوع عند 119، بخسارة 35 منصة غاز نشطة عن هذا الوقت من العام الماضي، فيما انخفضت الحفارات المتنوعة بمقدار حفار واحد.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version