تلقت أسعار النفط الخام دعما جيدا من بيانات مخزونات الخام الأمريكية، التي أظهرت انخفاضا أكثر من المتوقع في الأسبوع الماضي.
ومحا الخام الأمريكي بعض خسائر سابقة، لكن المعنويات السلبية المتزايدة في النفط لا تزال تمثل خطرا رئيسا، فيما تتجه رهانات صناديق التحوط ومديرو الأموال الآخرون نحو الانخفاض بشكل متزايد بشأن توقعات أسواق النفط.
ويقول محللون نفطيون إن التأثير المشترك لعمليات البيع الضخمة لصناديق التحوط وتخفيض السعودية لأسعار فبراير لجميع القارات، أدى إلى خفض الأسعار، لكن عادت الأسعار إلى الانتعاش منذ أن أعلنت ليبيا حالة القوة القاهرة على عمليات حقل الشرارة.
ونوه المحللون إلى استمرار التقلبات وبقاء بعض الضغوط الهبوطية، بعد أن حافظ الدولار الأمريكي على اتجاهه الصعودي، كما أن ضعف المعنويات قد يؤدي إلى انخفاض آخر هذا الأسبوع، موضحين أن تخفيض أسعار البيع للنفط الخام يثير مخاوف من ضعف الطلب الآسيوي، وإن كان الأمر طبيعيا وموسميا بسبب صيانة المصافي في الربع الأول.
ولفت المحللون إلى أن فنزويلا غير قادرة على رفع الإنتاج قريبا، حيث أفادت وزارة النفط الفنزويلية أن إنتاج النفط في البلاد ارتفع بشكل طفيف إلى 802 ألف برميل يوميا في ديسمبر، وهو أداء أقل من هدف نهاية العام البالغ مليون برميل يوميا، حيث لا يزال الإنتاج أقل مما كان عليه في أشهر الصيف على الرغم من رفع العقوبات. وفي هذا الإطار، يقول لـ”الاقتصادية” مارتن جراف مدير شركة “إنرجي شتايرمارك” النمساوية للطاقة إن هناك آفاقا إيجابية لسوق النفط على الرغم من كثير من الصعوبات الراهنة، ومنها أنه لا يزال خط الأنابيب المتسرب في خليج المكسيك مغلقا، حيث يستمر التسرب النفطي الذي يبلغ حجمه مليون جالون منذ نوفمبر الماضي غامضا، مما يؤدي إلى إبقاء نحو 61000 برميل يوميا من إنتاج النفط في خليج المكسيك مغلقا.
وذكر أن مقاييس سوق النفط الرئيسة تشير إلى أن انتعاش النفط الخام من أكبر انخفاض له منذ أكثر من شهر، يعكس قوة السوق المادية الأساسية ويعزز محاولة العقود الآجلة للخروج من نطاق تداولها الأخير، كما يراهن بعض المتداولين على أن أسوأ ما في أزمة النفط في أوائل العام قد انتهت مع تداول العقود الآجلة ليونيو المقبل بكميات كبيرة.
من جانبه، يقول سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف إن قيام السعودية بتخفيض أسعار البيع الرسمية هو أمر إيجابي وداعم لسوق النفط، موضحا أن الأسعار تعززت منذ وقوع الهجمات المستمرة على السفن التجارية في البحر الأحمر وإغلاق حقول النفط الرئيسة في ليبيا، كما اتبعت أسعار النفط الخام أيضا مسار أسواق الأسهم التي قلصت خسائرها.
ونوه إلى توقعات الولايات المتحدة أن يتجاوز الطلب العالمي على النفط العرض بمقدار 120 ألف برميل يوميا في 2024، حيث تؤدي تخفيضات الإنتاج من قبل “أوبك +” إلى تشديد السوق، مشيرا إلى تأكيد إدارة معلومات الطاقة في توقعاتها الشهرية للسوق بأن هذا العجز المتواضع في الإمدادات قد يدفع العقود الآجلة لخام برنت إلى متوسط 85 دولارا للبرميل في مارس ارتفاعا من 78 دولارا في الشهر الماضي.
من ناحيته، يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك “زد إيه إف” في كرواتيا إن الأيام الأخيرة شهدت ارتفاعا في أسعار ناقلات النفط، وقد تم تشديد توافر أكبر الناقلات في العالم، وأدى ذلك إلى أكبر مكسب ليوم واحد في تكلفة نقل النفط من الولايات المتحدة إلى الصين منذ نوفمبر 2022، معتبرا أن أسعار الشحن المرتفعة في بعض الأحيان تؤدي إلى صعوبة إرسال البضائع عبر مسافات طويلة.
وأشار إلى تخفيض إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعاتها لأسعار النفط الخام لعام 2024 بمقدار ثمانية سنتات للبرميل إلى 77.99 دولار للبرميل لخام غرب تكساس الوسيط و82.49 دولار للبرميل لخام برنت، متوقعة انخفاض الأسعار بشكل أكبر في 2025 مع نمو الإنتاج بشكل أسرع من الطلب.
بدورها، تقول ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام إن تقارير دولية ترجح أن عديدا من الشكوك قد تؤثر في أسعار النفط في المستقبل وأبرزها التوترات المتزايدة حول مسار الشحن الحيوي على البحر الأحمر والتطورات الأخرى في الشرق الأوسط، التي أدت إلى زيادة الضغط على الأسعار منذ أوائل ديسمبر ولديها القدرة على تعطيل تدفقات تجارة النفط العالمية ودفع أسعار النفط إلى مزيد من الارتفاع إذا تصاعدت أو استمرت.
ورجحت استمرار نمو الإنتاج في الولايات المتحدة خلال العامين المقبلين مدفوعا بزيادة كفاءة الآبار، مشيرة إلى أنه وبحسب إدارة معلومات الطاقة فإن النمو سيتباطأ بسبب انخفاض عدد منصات الحفر النشطة، لافتة إلى أن أحد عوامل عدم اليقين الرئيسة في توقعات الإنتاج الأمريكي لإدارة معلومات الطاقة هو استثمار المنتجين، موضحة أنه منذ 2021 أعطى المنتجون الأولوية لخفض الديون وزيادة الأرباح والاستحواذ على الشركات على النفقات الرأسمالية، كما زاد المنتجون النفقات الرأسمالية في 2023 ومع ذلك فإن الزيادات الإضافية تشير إلى وجود منصات أكثر نشاطا.
من ناحية أخرى، ارتفعت أسعار النفط أمس، لتواصل مكاسبها لليوم الثاني، إذ طغت المخاوف بشأن الإمدادات من الشرق الأوسط والناجمة عن الحرب في المنطقة وإغلاق أحد حقول النفط الليبية الكبرى على زيادة الإنتاج الأمريكي ومخاوف أخرى تتعلق بضعف النمو الاقتصادي.
وبينما تعمل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها على خفض الإنتاج لدعم السوق، قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الثلاثاء إن إنتاج الخام الأمريكي سيرتفع لمستوى قياسي في 2024.
وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 38 سنتا، أو 0.5 في المائة، إلى 77.97 دولار للبرميل بحلول الساعة 12:59 بتوقيت جرينتش بعدما انخفضت إلى 77 دولارا للبرميل في وقت سابق، كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 32 سنتا، أو 0.4 في المائة، إلى 72.56 دولار للبرميل.
وقال أولى هانسن من ساكسو بنك “غالبا ما يحدث هذا النوع من الحركة المتقلبة للأسعار في الأسابيع القليلة الأولى من التداول في العام الجديد”.
وأضاف “رغم أن اضطراب الإمدادات لا يزال يمثل تهديدا غير محقق، تظهر السوق الحقيقة علامات على الضعف الفعلي، ما يقلل بشكل أساسي من تأثير المخاطر الجيوسياسية”.
وأثر ضعف التوقعات الاقتصادية بالنسبة لأوروبا في التوقعات بشأن الطلب. وقال لويس دي جيندوس نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي إن الاقتصاد ربما كان في حالة ركود في الربع الأخير ولا تزال التوقعات ضعيفة.
وارتفع الخام 2 في المائة تقريبا الثلاثاء بعدما خسر أكثر من 3 في المائة الإثنين. وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا الأحد حالة القوة القاهرة في حقل الشرارة النفطي الذي يمكن أن ينتج ما يصل إلى 300 ألف برميل يوميا.
وأظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي انخفاض مخزونات النفط الخام بأكثر من المتوقع في أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم، لكن زيادة المعروض من المنتجات المكررة عوض ذلك الانخفاض.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 78,28 دولار للبرميل الثلاثاء، 78.21 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق وأن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 76.86 دولار للبرميل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version