توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري، بعد تراجع لأول مرة عقب ثلاثة أسابيع من المكاسب بسبب جني الأرباح ومخاوف رفع الفائدة والتباطؤ الاقتصادي، مشيرين إلى ارتفاع العقود الآجلة للنفط بعد أن فرضت روسيا حظرا على صادرات الديزل والبنزين، ما أدى إلى تسليط الضوء على المخاوف المتعلقة بضيق الإمدادات.
وذكر المحللون في تصريحات لـ”الاقتصادية”، أن أسعار النفط الخام كانت أقرب إلى مواصلة التراجع لكن قرار روسيا المفاجئ بفرض حظر كامل على صادرات البنزين والديزل أدى إلى ارتفاع أسعار النفط، منوهين بتأكيد وزارة الطاقة الروسية أن الإجراء يهدف إلى استقرار الأسعار في السوق المحلية من خلال المساعدة على زيادة الإمدادات.
وسلطوا الضوء على تأكيد بنك إنجلترا أنه مع شح إمدادات الديزل وتمسك تحالف “أوبك +” بتخفيضات الإنتاج بقيادة السعودية وروسيا لجأت الدول المستهلكة إلى استخدام احتياطياتها في محاولة للسيطرة على الأسعار، وقد أدى ذلك بدوره إلى تشديد مخزونات النفط العالمية.
وفي هذا الإطار يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة كيو إتش إيه لخدمات الطاقة “إن أسعار النفط الخام ستواصل تقلباتها في الأسبوع الجاري بسبب تأثير عدد من العوامل المتضادة صعوديا وهبوطيا وفي مقدمتها التخفيضات الطوعية القياسية من جانب السعودية لاستعادة التوازن والاستقرار في السوق التي تم تمديدها حتى نهاية العام الجاري بالتوازي مع خطوات مشابهة من جانب روسيا”. وأشار إلى تسجيل إنتاج النفط الخام في السعودية تسعة ملايين برميل يوميا وهو المستوى الذي من المتوقع الحفاظ عليه حتى نهاية العام الجاري.
ويرى دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية أن المنتجين نجحوا من خلال تقييد المعروض النفطي بشكل حازم وجماعي في إبقاء السوق متوازنة وجعل مستوى الأسعار ملائما لتعزيز الاستثمارات النفطية الجديدة خاصة في مشاريع المنبع.
ولفت إلى أن تخفيضات الإنتاج ما زالت تدعم الأسعار التي من المرجح أن تكسر حاجز 100 دولار للبرميل في الربع الرابع من العام الجاري، كما ساعد روسيا على التعامل مع العقوبات وسط تصاعد تكاليف الحرب والتخفيضات على خامها، مشيرا إلى تعهد روسيا بخفض الإمدادات بمقدار 300 ألف برميل يوميا حتى نهاية 2023.
من ناحيته، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة “إن كبار المنتجين وعلى رأسهم السعودية يقومون بدور مهم ومؤثر في إدارة العرض في هذه المرحلة المليئة بالتحديات والاضطرابات وعدم اليقين في السوق خاصة بيانات الطلب لدى أكبر المستهلكين وفي مقدمتهم الصين.
وأبرز أهمية إعلان السعودية أنها ستمدد أيضا خفضا طوعيا للمنتجات النفطية قدره مليون برميل يوميا حتى نهاية العام الجاري، لافتا إلى وجود حالة من عدم اليقين بشأن المدة التي سيستمر فيها هذا الحظر المؤقت على تدفقات الديزل والبنزين الروسية إلى الخارج.
أما ارفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة أفريكان ليدرشيب الدولية فتشير إلى أن السوق تترقب نتائج أعمال لجنة المراقبة الوزارية في تحالف “أوبك +” مطلع الشهر المقبل التي تعقد كل شهرين لدراسة وضع السوق النفطية ومتغيراتها وتراجع مستوى الالتزام بحصص الإنتاج لدى كل الدول الأعضاء في التحالف، وترفع توصيات عن تعديلات مقترحة في سياسات الإنتاج للمجموعة أمام الاجتماع الوزاري الموسع في نهاية نوفمبر المقبل.
ورجحت ألا يستمر الحظر الذي فرضته روسيا على شحنات الديزل في الخارج لفترة طويلة، حيث إن الجمع بين ذروة الطلب ونقص المساحة لتخزين الوقود يوفر حافزا لاستئناف الصادرات، مشيرة إلى أن القرار بوقف عمليات التسليم من قبل أحد موردي الديزل الرئيسين في العالم أدى إلى رفع الأسعار في أوروبا.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، استقرت أسعار النفط عند التسوية الجمعة، لكنها أنهت الأسبوع منخفضة بفعل ‏عمليات جني الأرباح، في ظل موازنة الأسواق بين المخاوف إزاء الإمدادات ‏بسبب حظر روسيا تصدير الوقود والمخاوف من رفع أسعار الفائدة مستقبلا.‏ وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت ثلاثة سنتات إلى 93.27 دولار للبرميل عند ‏التسوية. وتراجعت 0.3 في المائة، خلال الأسبوع لتوقف سلسلة مكاسب استمرت ثلاثة ‏أسابيع.‏ فيما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 40 سنتا أو 0.5 في المائة، ‏إلى 90.03 دولار للبرميل. وتراجع الخام 0.03 في المائة، خلال الأسبوع، وهو أول ‏تراجع منذ أربعة أسابيع.‏ وارتفع الخامان بأكثر من 10 في المائة، على مدار الأسابيع الثلاثة السابقة وسط مخاوف ‏بشأن نقص الإمدادات العالمية.‏ وأشار مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى احتمال رفع أسعار الفائدة ‏مجددا.‏ وتزيد أسعار الفائدة المرتفعة تكاليف الاقتراض، ما قد يبطئ النمو الاقتصادي ويقلل ‏الطلب على النفط.‏ وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يؤدي الحظر المؤقت الذي فرضته روسيا على ‏صادرات البنزين والديزل إلى معظم الدول إلى شح الإمدادات.
من جانب آخر، ذكر تقرير شركة بيكر هيوز الأمريكية المعنية بأنشطة الحفر أن إجمالي عدد منصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة انخفض بمقدار 11 منصة هذا الأسبوع، بعد أن شهد ارتفاعا قصيرا بمقدار تسع منصات الأسبوع الماضي، وهو أقل عدد من منصات الحفر النشطة منذ 4 فبراير 2022.
وأشار إلى انخفاض إجمالي عدد منصات الحفر إلى 630 منصة هذا الأسبوع وحتى الآن هذا العام، قدر التقرير خسارة 149 منصة حفر نشطة ويبلغ عدد منصات الحفر هذا الأسبوع 445 منصة أقل من عدد منصات الحفر في بداية عام 2019 قبل الوباء.
ولفت إلى انخفاض عدد منصات النفط بمقدار ثماني منصات هذا الأسبوع إلى 507، بانخفاض 114 حتى الآن في عام 2023 كما انخفض عدد منصات الغاز بمقدار ثلاث هذا الأسبوع إلى 118، بخسارة 38 منصة للغاز النشط منذ بداية العام بينما بقيت الحفارات المتنوعة على حالها.
ونوه التقرير بانخفاض عدد منصات الحفر في حوض بيرميان بمقدار خمس منصات هذا الأسبوع، أي أقل بمقدار 27 منصة عن الوقت نفسه من العام الماضي، بينما بقي عدد منصات الحفر في Eagle Ford على حاله وهو أقل بـ23 منصة مقارنة بهذا الوقت من العام الماضي.
وأشار التقرير إلى بقاء مستويات إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة عند 12.9 مليون برميل يوميا، وفقا لأحدث التقديرات الأسبوعية لإدارة معلومات الطاقة، ولا تزال عند أعلى مستوى إنتاج منذ عام 2019 وارتفعت مستويات الإنتاج الآن بمقدار 800 ألف برميل يوميا مقارنة بالعام الماضي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version