لم تنجح الرياح المعاكسة التي تواجهها أسواق النفط بسبب تزايد مخاوف الركود ومحاولات المصارف المركزية لمواجهة التضخم في وقف صعود الأسعار التي واصلت ارتفاعها بقوة، وأصبحت مرشحة لتحقيق مكاسب شهرية رابعة على التوالي بعدما قفز الخام بنسبة 3.6 في المائة في تداولات تعد الأكثر نشاطا منذ أوائل يونيو.
وتذهب أغلب توقعات الأسواق إلى مكاسب قياسية مقبلة بسبب معنويات صعودية وفي الوقت نفسه ستكون القراءة النهائية للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي للربع الثاني تحت المراقبة حيث تميل التوقعات الحالية إلى ارتفاع طفيف في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.1 في المائة من 2 في المائة السابقة.
ويقول لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون “إن أسعار النفط الأمريكي ارتفعت إلى أعلى مستوى منذ أغسطس 2022، مع استمرار انخفاض المخزونات التجارية حيث أعلنت إدارة معلومات الطاقة سحبا للمخزون أكبر بكثير من المتوقع”.
وأوضحوا أن انخفاض المخزونات في كوشينج والاتجاه الهبوطي للمخزونات عموما في الولايات المتحدة أديا إلى تقليص الإمدادات في أماكن أخرى، حيث بدأت السوق تشعر بتأثير تخفيضات الإنتاج والتصدير التي أقرتها “أوبك +”. ونوهوا باستمرار الطلب في النمو مع تسارع وتيرة السحب من المخزونات، ما يدعم مكاسب أسعار النفط.
وفي هذا الإطار، قال هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة “إن أسعار النفط الخام ارتفعت بنسبة 30 في المائة منذ يونيو ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تخفيضات الإنتاج من قبل السعودية وروسيا وبقية أعضاء أوبك +”.
ولفت إلى أن أسعار النفط الخام تقترب أكثر من أي وقت مضى من مستوى 100 دولار للبرميل بل يمكن أن تتجاوز هذا المقياس، عادا أسعار النفط المرتفعة هي أخبار جيدة للصناعة كما أنها أمر جيد للغاية حتى بالنسبة إلى شركات النفط الكبرى.
أما أندريه موريس مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات فقال “إن تقرير معهد البترول الأمريكي أظهر سحب مخزون النفط الخام بنحو 1.6 مليون برميل”، لكن الأهم من ذلك هو أن معهد البترول الأمريكي قدر أيضا أن المخزونات في كوشينج في ولاية أوكلاهوما قد انخفضت إلى أقل من 22 مليون برميل وهو ما يقترب من الحد الأدنى لمستوى التشغيل.
ونوه بتوقع تقارير دولية أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 96 دولارا للبرميل في الربع الأخير من هذا العام، مشيرا إلى أن الارتفاع الأخير في هوامش التكرير يساعد على دفع أسعار خام برنت إلى الارتفاع، إلى جانب تخفيضات الإنتاج الكبيرة من السعودية وروسيا.
ويتفق أندريه جروسي مدير شركة “إم إم أيه سي” الألمانية مع أن الأسعار تتلقى دعما قويا من التزام “أوبك +” بكبح إمدادات النفط حتى نهاية العام واستعدادات التحفيز الاقتصادي الصيني للتوسع في الربع الرابع من 2023 حيث من المتوقع أن تنخفض مخزونات النفط العالمية بمقدار 70 مليونا خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
ونوه بتوقعات تقارير دولية بأن يبلغ متوسط سعر خام برنت 90 دولارا للبرميل لعام 2024 مع توسع إمدادات النفط من خارج أوبك بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا، مدفوعة بنمو الإمدادات النفطية من دول جويانا وكندا والولايات المتحدة والبرازيل.
بدورها، ذكرت ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة “أفريكان إنجنيرينج” الدولية أن نهج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وقرارات وديناميكيات “أوبك +” يمكن أن يحدثا فرقا كبيرا في نتائج أسعار النفط في العام المقبل.
وأشارت إلى أن نمو الطلب العالمي على النفط قد يتباطأ 1.1 مليون برميل يوميا العام المقبل من مليوني برميل يوميا هذا العام مع انكماش دول آسيا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كما أن من المرجح أن تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى خنق الناتج المحلي الإجمالي العالمي، في حين يمكن أن تساعد الطاقة الفائضة لـ”أوبك +” على الحد من ارتفاع أسعار النفط في حال الاتفاق على الاستعانة بها.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط ما يقرب من 1 في المائة خلال تعاملات أمس، لتواصل حصد المكاسب للجلسة الثالثة على التوالي وسط مؤشرات على تراجع الإمدادات.
وصعد الخام الأمريكي مع بدء التعاملات إلى أعلى مستوياته في أكثر من عام، إذ أدى الانخفاض الحاد في مخزونات الخام في الولايات المتحدة إلى تفاقم المخاوف من شح الإمدادات العالمية من تخفيضات “أوبك +” بقيادة السعودية.
بحلول الساعة 06:32 صباحا بتوقيت جرينتش “09:32 صباحا بتوقيت مكة المكرمة”، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي، تسليم نوفمبر بنسبة 0.78 في المائة، ليصل إلى 97.30 دولار للبرميل.
في الوقت نفسه، زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي – تسليم نوفمبر 2023 – بنسبة 0.89 في المائة، ليصل إلى 94.51 دولار للبرميل، وأظهر التقرير الأسبوعي، الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأربعاء، انخفاض مخزونات النفط في الولايات المتحدة بمقدار 2.2 مليون برميل، خلال الأسبوع المنتهي 22 سبتمبر، ليصل الإجمالي إلى 416.3 مليون برميل.
وتواجه أسواق النفط رياحا معاكسة من تزايد المخاوف من ركود اقتصادي، في ظل محاولات المصارف المركزية، وفي مقدمتها مجلس الاحتياطي الفيدرالي، للإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة مدة أطول لمواجهة التضخم.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 97.08 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 94.97 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاضات سابقة، وإن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 95.82 دولار للبرميل”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version