استمرت تقلبات أسعار النفط الخام مع ميول صعودية بدعم من معنويات إيجابية ومتفائلة في سوق النفط الخام، وتغلب الرهانات الصعودية على السلبية لدى التجار، وعزز المكاسب انخفاض أكثر من المتوقع في المخزونات الأمريكية والتوترات في الجابون والمخاوف بشأن إعصار قبالة ساحل الخليج الأمريكي، ما يدعم توقعات تشديد الإمدادات.
ويقول لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون، “إن هذه العوامل الداعمة واجهت بعض الرياح المعاكسة في ظروف الطلب التي شككت فيها بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي الأضعف من المتوقع ومجموعة أخرى من مؤشرات مديري المشتريات الضعيفة من الصين -ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم- مع بقاء أنشطة التصنيع في المنطقة الانكماشية للشهر الخامس على التوالي”.
وذكروا أن دعم السياسات المالية المستمر في الصين لم يترجم إلى تحول كبير في الظروف الاقتصادية حتى الآن، وهو الأمر الذي قد يتطلب بذل مزيد من الجهد خلال بقية العام، وأن اقتصاد الولايات المتحدة أثبت أنه مرن بشكل ملحوظ هذا الصيف، مع تأكيد “ستاندرد تشارترد” أن الطلب على وقود الطائرات والبنزين في أمريكا تجاوز التوقعات السابقة، مرجحين أن يستمر نمط الطلب الأقوى من المتوقع على النفط من المستهلكين والطلب الأضعف من الصناعة.
وفي هذا الإطار، يقول هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة “إن الطلب الأمريكي على النفط صمد بشكل عام بشكل أفضل بكثير مما كان متوقعا”، مشيرا إلى تأكيد بنك ستاندرد تشارترد أن الطلب على البنزين ووقود الطائرات تفوق بقوة مقارنة بتوقعات بداية العام من قبل إدارة معلومات الطاقة.
وأوضح أنه من المرجح أن يظل قطاع النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة في صحة جيدة بعد أعوام من ارتفاع تكاليف الإنتاج وسط التضخم بعد الوباء، إذ سجل الإنتاج الأمريكي تحسنا إيجابيا في ظروف العمل مع انخفاض تكاليف الإنتاج بنسبة 1 في المائة على أساس سنوي في الربع الثاني، وهي المرة الأولى التي تتقلص فيها هذه التكاليف منذ ثلاثة أعوام.
أما أندرو موريس مدير شركة بويري الدولية للاستشارات فيرى أن ارتفاع أسعار النفط جاء بعد أسبوعين من الركود ركز خلالهما التجار على البيانات الاقتصادية من الولايات المتحدة والصين، لكن الأمور تغيرت هذا الأسبوع عندما أفاد معهد البترول الأمريكي بسحب هائل للمخزونات النفطية، ما يشير إلى أن الطلب على الوقود في أكبر مستهلك في العالم ظل مرنا في مواجهة التحديات.
وذكر أن إعصار إداليا الذي يتحرك حاليا نحو ساحل فلوريدا أسهم في ارتفاع الأسعار مع احتمال حدوث مزيد من عمليات الإجلاء في خليج المكسيك بعد أن أوقفت شركة شيفرون العملاقة عملياتها في ثلاث منصات.
ويقول أندريه جروسي مدير شركة “إم إم إيه سي” الألمانية، “إن التقلبات المنخفضة المقترنة بصعوبة الحفاظ على الزخم الهبوطي غالبا ما تشير إلى حدوث اختراق صعودي وشيك”، موضحا أنه في الولايات المتحدة ساعد ارتفاع معدلات التشغيل على سحب مخزونات النفط الخام إلى أدنى مستوى لها منذ يناير الماضي.
بدورها، تضيف ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية أن “التخفيضات الطوعية لـ(أوبك +) بقيادة السعودية وروسيا عززت التوقعات الإيجابية في استقرار وتوازن سوق النفط الخام”.
وأكدت أنه في شهر سبتمبر الجاري من المتوقع أن تزيد روسيا صادراتها بمقدار 200 ألف برميل يوميا بينما تعهدت السعودية بالحفاظ على خفضها الأحادي الجانب البالغ مليون برميل يوميا، لافتة إلى توقع تقارير دولية حدوث تصحيح في الربع الرابع من عام 23 والربع الأول من عام 24 نتيجة لنمو الإنتاج الجيد في الولايات المتحدة وبحر الشمال.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط أمس بعد أن أظهرت بيانات تباطؤ نشاط الصناعات التحويلية في الصين، فيما يترقب المستثمرون أيضا تقرير نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة.
وبحلول الساعة 03:50 بتوقيت جرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت تسليم أكتوبر التي انقضي أجلها أمس 12 سنتا، أو 0.1 في المائة، إلى 85.74 دولار للبرميل. كما نزل عقد نوفمبر الأكثر نشاطا ستة سنتات أو ما يعادل 0.1 في المائة إلى 85.18 دولار.
وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي خمسة سنتات، أو 0.1 في المائة، إلى 81.58 دولار.
وأظهر مسح رسمي أمس انكماش نشاط الصناعات التحويلية في الصين للشهر الخامس على التوالي في أغسطس، ما أجج المخاوف حيال بيانات النمو الضعيفة في الآونة الأخيرة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وأفاد المكتب الوطني للإحصاء بأن مؤشر مديري المشتريات الرسمي ارتفع إلى 49.7 من 49.3 في يوليو، لكنه لا يزال أقل من مستوى 50 نقطة الفاصل بين النمو والانكماش.
ويترقب المستثمرون أرقام التضخم التي سيتم قياسها بناء على نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة.
وحتى الآن، تتجه أسعار النفط إلى تسجيل ارتفاع أسبوعي بفضل بيانات الحكومة الأمريكية التي أظهرت انخفاض إمدادات الخام أكثر من المتوقع، كما عدلت الحكومة الأمريكية زيادة الناتج المحلي الإجمالي بالخفض إلى 2.1 في المائة في الربع السابق بدلا من 2.4 في المائة، المعلنة الشهر الماضي.
وأظهرت بيانات تباطؤ نمو الوظائف في القطاع الخاص بشكل ملحوظ في أغسطس. وقالت “إيه.إن.زد” للأبحاث في مذكرة “الأنباء السيئة كانت جيدة، فقد أدت البيانات الاقتصادية الأمريكية الضعيفة إلى خفض توقعات رفع أسعار الفائدة مجددا”.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 87.76 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 87.09 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق رابع ارتفاع على التوالي، وإن السلة ارتفعت بنحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 85.84 دولار للبرميل”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version