لقيت أسعار النفط الخام دعما قويا من المخاوف من اضطراب التجارة العالمية والتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تركز فيه أسواق بقوة على المخاطر بشأن سلاسل التوريد وتدفع أسعار خامي القياس برنت والأمريكي إلى مستويات جديدة.
ويواصل منتجو تحالف “أوبك+” جهودهم لتعزيز توازن الأسواق وامتصاص الزيادات المؤثرة القادمة من الولايات المتحدة والبرازيل وجيانا، مع الاستمرار في مراقبة السوق والاستعداد لتعديل سياسات الإنتاج عند الضرورة.
ويقول لـ”الاقتصادية” محللون “إن زيادة إنتاج نواتج التقطير وتباطؤ الأنشطة الاقتصادية أديا إلى ارتفاع مخزونات الديزل وانخفاض الأسعار”، لافتين إلى تسجيل نشاط صناعي ضعيف في الولايات المتحدة، كما تسهم أوروبا في خفض الطلب على الديزل، ما يؤدي إلى عدم استقرار السوق.
وأوضحوا أن مخزونات الديزل ونواتج التقطير الأخرى أصبحت أعلى الآن مما كانت عليه في هذا الوقت من العام الماضي، ما يشير إلى أن سوق الديزل العالمية المحدودة قد بدأت في التراجع، ويرجع ذلك جزئيا إلى تباطؤ نشاط البناء والتصنيع في الولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية الكبرى.
وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة إنرجي شتايرمارك النمساوية للطاقة “إن الاستثمارات النفطية في الولايات المتحدة وبريطانيا تتجه إلى النمو على الرغم من اضطرابات السوق”، مشيرا إلى أن الجهود الرامية إلى تعزيز أمن الطاقة في المملكة المتحدة توفر الطمأنينة لصناعة بحر الشمال التي تعاني ارتفاع الضرائب وانخفاض المخزون، وسط علامات على انتعاش محدود للنفط في الأعوام المقبلة.
وأشار إلى سوء الحالة المعنوية لصناعة بحر الشمال في الآونة الأخيرة، حيث يشهد إنتاج النفط انخفاضا حادا، فقد انخفض بنسبة 12 في المائة على أساس سنوي في تسعة أشهر من 2023 إلى 720 ألف برميل يوميا، وتكافح الصناعة للتعامل مع زيادة بنسبة 35 نقطة مئوية في الضرائب الرئيسة.
أما سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف، فيرى أن تعزيز الاستثمارات النفطية ضرورة لتأمين احتياجات وأمن الطاقة في الأعوام المقبلة في ظل حاجة واسعة لجميع الموارد، منوها بتأكيد بنك باركليز أن منتجي الخام في الولايات المتحدة من المرجح أن يزيد إنتاجهم بمقدار 150 ألف برميل يوميا فقط في 2024 وهو جزء صغير من نمو هذا العام البالغ مليون برميل يوميا.
ولفت إلى أن القفزة المفاجئة هذا العام في إنتاج النفط الأمريكي تعود جزئيا إلى التوسع بين منتجي القطاع الخاص، الذين يقول بنك باركليز “إنهم يمثلون ما يقرب من نصف إنتاج الولايات المتحدة”.
من ناحيته، يقول أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة “إنه على الرغم من العقوبات الدولية وسقف الأسعار أثبت الإنتاج الروسي مرونة في الإنتاج والتصدير”، لافتا إلى إحصاءات رسمية أن روسيا زادت بشكل كبير صادراتها من النفط الخام إلى الصين والهند هذا العام حيث وصلت الكميات المتجهة إلى الصين إلى 100 مليون طن سنويا، أو نحو مليوني برميل يوميا.
وأشار إلى استمرار زيادة أحجام الصادرات الروسية إلى الصين والهند بشكل ملحوظ مرات عديدة، حيث تم توريد نحو 70 مليون طن من النفط إلى الهند هذا العام، بينما ذهب نحو 100 مليون طن من النفط إلى الصين.
وتؤكد ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام أن تقارير دولية تشير إلى استعداد صناعة الشحن العالمية لاحتمال العيش بدون أهم طريق تجاري لأسابيع، حيث تعمل الولايات المتحدة على تشكيل فريق عمل لمنع الهجمات على السفن التجارية، لكن لا تزال شركات الشحن تنتظر التفاصيل وتشعر بالقلق بشأن العمل بشكل طبيعي.
وأوضحت أن شركات الشحن تقوم بإرسال السفن لمسافات طويلة حول إفريقيا ما يضيف تكاليف قدرها مليون دولار وسبعة إلى عشرة أيام لكل رحلة، بينما تتجه أسعار النفط نحو الأعلى، موضحة أن التكاليف الإضافية والتأخيرات تشكل مخاطر على الاقتصاد العالمي.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس، بعد أن صعدت أكثر من 1 في المائة في الجلسة السابقة بفعل المخاوف من اضطراب التجارة العالمية والتوتر الجيوسياسي في الشرق الأوسط.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت ستة سنتات، بما يعادل 0.1 في المائة، إلى 79.29 دولار للبرميل، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 74.11 دولار للبرميل، مرتفعا 17 سنتا، أو 0.2 في المائة.
ويمر نحو 12 في المائة من حركة الشحن العالمية عبر البحر الأحمر وقناة السويس، ومع ذلك، يقول محللون “إن التأثير في إمدادات النفط محدود حتى الآن”، حيث يجري تصدير الجزء الأكبر من خام الشرق الأوسط عبر مضيق هرمز.
وقالت وزارة الطاقة الأمريكية الثلاثاء “إن الولايات المتحدة اشترت 2.1 مليون برميل من النفط الخام للتسليم في فبراير”، ليصل إجمالي المشتريات إلى نحو 11 مليونا مع استمرارها في تجديد احتياطي البترول الاستراتيجي بعد أكبر عملية بيع في التاريخ العام الماضي.
وأفادت مصادر -نقلا عن بيانات من معهد البترول الأمريكي- بأن مخزونات الخام والوقود الأمريكية ارتفعت أيضا الأسبوع الماضي، على عكس توقعات المحللين بانخفاض مخزونات الخام، في استطلاع أجرته “رويترز”.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 79.19 دولار للبرميل الثلاثاء، عن 78.47 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق رابع ارتفاع على التوالي، وإن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 77.01 دولار للبرميل”.
«أوبك +» تعزز جهود توازن السوق النفطية وامتصاص زيادات الإنتاج من أمريكا والبرازيل وجيانا
قد يهمك أيضاً
© 2024 الشرق اليوم. جميع الحقوق محفوظة.