القدس المحتلة- أعلنت أمس الجمعة الخطوط الجوية البلغارية، التي تسيّر رحلات جوية على خط تل أبيب- صوفيا، إلغاء جميع رحلاتها من إسرائيل وإليها حتى 23 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وبذلك تنضم إلى عشرات شركات الطيران العالمية التي علّقت رحلاتها الجوية إلى مطار اللد (بن غوريون) لأسابيع مقبلة، في خطوة استباقية للهجوم التي نفذته إسرائيل على إيران فجر اليوم السبت.

وسبق إعلان الشركة البلغارية بلاغ صادر عن طيران سيشل، وإعلان مماثل للطيران اليوناني “إيجين”، الذي انضم لمزيد من شركات طيران العالمية التي ألغت أو أجلت رحلاتها الجوية لإسرائيل، عقب اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وخشية تداعيات رد تل أبيب على الهجوم الصاروخي الإيراني مطلع أكتوبر/تشرين الأول الحالي.

ومنذ ذلك الحين، اتسعت ظاهرة تعليق الرحلات الجوية وعمل شركات الطيران العالمية نحو إسرائيل، وزاد عليها بدء العلمية العسكرية الواسعة على لبنان قبل أكثر من 3 أسابيع، ووصفتها القناة الـ12 الإسرائيلية بأنها ظاهرة مرتبطة بأجواء الترقب الشديد للهجوم الإسرائيلي على إيران.

وبذلك، يرتفع عدد شركات الطيران العالمية التي علقت رحلاتها الجوية من إسرائيل وإليها، منذ معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى 30 شركة عالمية، من أميركا، وأفريقيا، وآسيا، وأوروبا، بينها 18 شركة علقت رحلاتها لأسابيع مقبلة قد تمتد حتى نهاية العام الحالي، بينما ألغت 12 شركة رحلاتها وعملها في إسرائيل حتى مارس/آذار 2025.

وذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن شركات الطيران الأوروبية اتخذت قرارها بتعليق رحلاتها من وإلى المطارات الإسرائيلية الثلاثة: “بن غوريون” و”رامون” و”حيفا”، بناء على التوصية الرسمية للوكالة الأوروبية لسلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي، ولضمان سلامة الركاب والطاقم، وذلك في ظل تصاعد التوتر في الشرق الأوسط.

ما أحدث إجراءات شركات الطيران بشأن رحلاتها إلى إسرائيل

عزلة ومقاطعة

من جهتها، تعتقد مراسلة صحيفة “غلوبس” الاقتصادية ستاف ليفني أن الحديث يدور حول أكثر من مجرد موجة من إلغاء الرحلات الجوية، وهو مؤشر لعزلة ونوع من المقاطعة، ومن المرجح أن يتأثر مئات الآلاف من الركاب بهذه التوصية “غير العادية”.

ولمواجهة ظاهرة إلغاء رحلات الطيران العالمي إلى إسرائيل، تقول ليفني إن الشركات الإسرائيلية أضافت أكثر من 50 رحلة إلى جدول الرحلات الدولية، التي ستتم حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الحالي، وستكون الوجهات الرئيسية هي بودابست وأثينا ولارنكا وميلانو، ووجهات أخرى في حوض البحر الأبيض المتوسط.

وأوضحت المراسلة أن إسرائيل تبدي مخاوفها من مغبة أن تؤدي هذه التوصية إلى تغيير كبير في سلوك شركات الطيران الأوروبية، “التي تحظى بدعم جماهيري وشعبي غير متوقع لوقف الرحلات الجوية إلى إسرائيل بشكل كامل” حسب قولها، مؤكدة أن الشركات بالسابق كانت تأخذ قرارات مؤقتة على أحداث معينة كانت سارية المفعول لعدة أيام ليس إلا.

وأشارت إلى أن سلطة الموانئ والمطارات بإسرائيل لا تستبعد أن تلغي الشركات العالمية رحلاتها لفترة أطول وأن تعلق عملها في إسرائيل حتى مطلع عام 2025، إذ من المتوقع أيضا أن يكون لهذا الإعلان تأثير مباشر على أسعار التأمين على الطائرات التي قد تحط في المطارات الإسرائيلية.

خسائر

يواصل قطاع الطيران والسياحة بإسرائيل تكبّد خسائر فادحة منذ بداية الحرب على قطاع غزة، وقُدرت خسارته حتى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي بنحو 18.7 مليار شيكل (نحو 5 مليارات دولار) في قطاع السياحة الوافدة و756 مليون شيكل (نحو 200 مليون دولار) في قطاع السياحة الداخلية، حسب وزارة السياحة الإسرائيلية.

ووفق وزير السياحة الإسرائيلي حاييم كاتس، فإن حرب غزة تسببت في انخفاض عدد السياح القادمين من الخارج، كما أن إخلاء البلدات والحرب على الجبهة الشمالية مع حزب الله تسبب في أزمة حادة في السياحة وفقدان الدخل، سواء من السياحة الوافدة أو من السياحة الداخلية التي تأثرت إلى حد كبير، خاصة في المنطقة الشمالية، بسبب إغلاق الفنادق والشركات السياحية.

وذكرت وزارة السياحة الإسرائيلية أن هجوم حركة حماس المفاجئ، وما تبعه من حرب على قطاع غزة، أوقف زخم تعافي السياحة الإسرائيلية من أزمة جائحة كورونا، إذ كان من المتوقع أن يحطم معدل السياح الذين دخلوا إسرائيل عام 2023 الرقم القياسي للسياح الأجانب المسجل عام 2019 والذي بلغ نحو 4.5 ملايين.

لكن اندلاع الحرب وإلغاء شركات الطيران العالمية رحلاتها أديا إلى توقف عدد السياح الأجانب في 2023 عند 3 ملايين فقط. وحسب معدل وصول السائحين خلال الأشهر الأخيرة، الذي بلغ نحو 80 إلى 100 ألف شهريا، فمن المتوقع أن ينتهي عام 2024 بنحو مليون سائح فقط.

ويظهر استطلاع أجرته وزارة السياحة الإسرائيلية خلال الحرب أن معظم السياح الذين جاؤوا إلى إسرائيل من اليهود والمسيحيين الكاثوليك والإنجيليين، فجاء نحو 44% منهم لزيارة الأصدقاء والعائلة، بينما كان الغرض الرئيسي لـ28% السياحة الكلاسيكية و13% للعمل، وبالنسبة لـ73% من السائحين فقد كانت زيارتهم مكررة.

ومنذ بداية الحرب، دخل إسرائيل نحو 853 ألف شخص بتأشيرات سياحية، وتتصدر الولايات المتحدة جدول الوافدين، تليها فرنسا وبريطانيا وروسيا والفلبين، حسب استطلاع وزارة السياحة الإسرائيلية.

أزمة الشحن

من جهة أخرى، تسبب إلغاء الرحلات الجوية العالمية إلى المطارات الإسرائيلية في ارتفاع أسعار استيراد البضائع إلى إسرائيل، حيث ارتفع الشحن الجوي إلى تل أبيب بنحو 30%، حسب صحيفة “دى ماركر” الاقتصادية.

وحسب الصحيفة، فإن شركة الطيران الإسرائيلية “إلعال” أبلغت وكلاءها مؤخرا أنها لا تستطيع قبول حجوزات رحلات الشحن الخاصة بها من مدينة “لييج” البلجيكية، حيث تقع محطة الشحن الأوروبية الرئيسية، حتى إشعار آخر، وذلك بسبب تكدس بضائع الشحن الجوي التي وجهتها إسرائيل.

ويقول مراسل الصحيفة الاقتصادية دانيال شميل إن ارتفاع أسعار رحلات الشحن وعدم توفر هذه الرحلات يعود إلى “الحصار الجوي المفروض على إسرائيل بسبب التهديدات الأمنية، فتوصيات وكالة سلامة الطيران الأوروبية بإلغاء السفر من إسرائيل وإليها تسبب في ضغط كبير على الشحن الجوي وتكدس البضائع التي وجهتها إسرائيل بالمطارات العالمية”.

ويضيف أن معطيات الطيران في مطار “بن غوريون” خلال سبتمبر/أيلول الماضي تكشف عن عمق المشكلة، “إذ انخفضت واردات البضائع إلى المطار عبر طائرات الركاب بنحو 48%، وكانت هناك حاجة إلى مزيد من طائرات الشحن، إلا أن رحلات طائرات الشحن أقل تواترا، وتعمل أقل من رحلات الركاب”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version