طرحت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تساؤلًا حول ما يجب على المستثمرين الأفراد الانتباه إليه في العام المقبل 2025، وذلك خلال مائدة مستديرة للاستثمار.

جمعت المائدة المستديرة كاتبة العمود في فايننشال تايمز، كاتي مارتن، ومديرة صندوق في فريق الدخل الثابت العالمي غير المقيد في شرودرز، أليكس ستيوارت ورئيس تخصيص الأصول الكلية والإستراتيجية العالمية في فيديليتي إنترناشيونال، سلمان أحمد، وكاتب العمود في قسم المال في فايننشال تايمز، ورئيس لجنة الاستثمار في غوشواك أسيت مانجمنت، سيمون إيدلستين.

ناقش الخبراء موضوعات من التعريفات الجمركية لترامب مرورًا بالأسهم الأميركية المزدهرة ومستقبل الأسهم البريطانية وأداء العملات المشفرة، مع التحذير السنوي المعتاد للاجتماع بأن هذا لا ينبغي اعتباره نصيحة مالية.

ترامب 2.0

أدى فوز دونالد ترامب الساحق في انتخابات الرئاسة الأميركية خلال نوفمبر/تشرين الثاني إلى تغيير التوقعات الاقتصادية لعام 2025، إذ توقع العديد من المحللين بيئة جيدة نسبيًا للمستثمرين.

ويرى سلمان أحمد أن النتيجة الأكثر ترجيحًا هي أن الولايات المتحدة ستدخل فترة تضخمية في عام 2025، تتميز بارتفاع الإنفاق الاستهلاكي وتحسن أرباح الشركات.

وفق أبحاثه، فإنه باحتمال نسبته 20%، ستنتج سياسات الهجرة والتعريفات صدمة تضخمية وفترة من الركود التضخمي.

والركود التضخمي يعني ارتفاع الأسعار مع ركود الطلب.

وفيما يتصل بالتعريفات التجارية، يتوقع أحمد أن فرض معدل تعريفة جمركية بنسبة 60% على الواردات من الصين ومعدل 20% على بقية العالم هو الموقف الأقصى المحتمل، وفي بعض الحالات، يبدو أنه قابل للتفاوض جزئيًا، مع ربط هذه التعريفات على الصين وكندا والمكسيك بفشلها في السيطرة على تدفق المخدرات أو الهجرة غير النظامية إلى الولايات المتحدة.

وتنقل فايننشال تايمز عن أحمد قوله “يتعين علينا أن نكون حذرين بشأن أوروبا، لأننا لم نسمع عنها شيئًا. وهذا لا يتعلق بالحدود، ولا يتعلق بالمخدرات، بل يتعلق بالاقتصاد المحض”.

من جانبه  قال سيمون إيدلستين إن تاريخ التعريفات الجمركية بين أوروبا والولايات المتحدة طويل، مضيفًا “من السهل علينا أن ننسى عدد التعريفات الجمركية المفروضة على الصادرات الأميركية إلى أوروبا”، وخاصة في الزراعة، لكن أيضًا السيارات والصلب وغيرها من السلع الإستراتيجية.

ويتابع “مع ذلك، بصفتي مستثمرًا في الأسهم، لا أشعر بالقلق كثيرًا بشأن التعريفات الجمركية.. فأنت تسمع عن الكثير منها. وعدد التعريفات الجمركية التي تظهر، ما لم يكن ثمة سبب وجيه للغاية، فإنها ستكون قليلة جدا”.

بدوره يقول ستيوارت كيرك إن المستثمرين لا ينبغي أن يقلقوا بشأن التعريفات الجمركية في كل الأحوال، مضيفًا “انظروا إلى الأسواق. المستثمرون لا يكترثون: إنها تبدو وكأنها في أواخر التسعينيات.. إنها تحمل شعورا بالتفاؤل الشديد”.

لكن إلى متى يمكن أن يستمر هذا؟ يتوقع أحمد أن تؤدي التخفيضات الضريبية الإضافية إلى توسيع العجز الأميركي إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى من الاقتراض قد تجده أسواق السندات غير مقبول في اقتصادات أخرى.

كانت العائدات على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات تنمو بوتيرة معقولة منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حتى أقل بقليل من 4.5%، لكن عندما اختار ترامب، سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني -وهو ما اعتبرته الأسواق خيارًا متوازنًا نسبيًا- بدأت العائدات في الانخفاض.

وفي حين أن ثمة مخاوف من أن تتسبب الرسوم الجمركية في ارتفاع التضخم في الأمد القريب، تقول أليكس ستيوارت، إن التوقعات لم تتغير كثيرًا بعد ذلك.

فقاعة الأسهم الأميركية

يعتقد كيرك أن السوق تبدو في فقاعة كلما طالع وسائل التواصل الاجتماعي، فكل أصل محفوف بالمخاطر “يثير حماسة الجميع. والجميع متفائلون للغاية”.

ويشبّه كيرك الأمر بالفقاعات السابقة، قائلًا “لقد كنت أدير أموال الأسهم اليابانية عندما كان الجميع يتحدثون عن الحالة الاستثنائية اليابانية.. وهذا يشبه إلى حد كبير الفقاعات التي كانت في السابق. الأمر لا يتعلق بكون أميركا استثنائية، فنحن نعلم أنها كذلك لأسباب مختلفة. بل يتعلق الأمر بمدى تأثير ذلك على الأسعار”.

ويقول سيمون إيدلستين  إنه لم يكن لديه من قبل مثل هذا القدر من المال في صناديق الأسهم العالمية التي يمتلكها في الولايات المتحدة كما هو الحال اليوم. “وذلك على الرغم من أنني أتفق تماما مع حقيقة مفادها أن (أسهم) بعض أكبر الشركات في أميركا باهظة الثمن بشكل مثير للسخرية”.

أما كيرك فيتساءل “إلى أي مدى يستند هذا التقييم إلى أساسيات الشركة والإيمان بإمكاناتها في تحقيق الأرباح؟، وإلى أي مدى هو ببساطة نتاج للارتفاع السريع للاستثمار السلبي، والذي يدفع عددا صغيرا من الأسهم الكبيرة إلى الارتفاع؟

ويخلص إلى القول “في هذه اللحظة قد تتشكل الفقاعات”.

مصطلحات اقتصادية السندات

الفرص في بريطانيا

خيمت نظرة قاتمة على بورصة لندن لبعض الوقت، مع ارتفاع الفجوة في التقييم بين السوقين البريطانية والأميركية إلى مستوى قياسي وسلسلة من عمليات إلغاء إدراج الشركات البارزة.

ومع ذلك، بالنسبة لكيرك، فإن قضية الاستثمار واضحة؛ فثمة شركات ذات قيمة جيدة، وهي شركات دولية تهتم إدارتها بالمساهمين، بالإضافة إلى ذلك “إذا نظرت إلى العائد على رأس المال المستثمر، واستبعدت أكبر 10 أو 20 شركة سمع عنها الجميع.. فثمة شركات ذات قيمة سوقية متوسطة وصغيرة ذات عائد مرتفع بشكل كبير في المملكة المتحدة، جذابة ورخيصة (في سعر السهم)”، على حد قوله.

من جانبه، يرى سلمان أحمد فرصة في إعادة ضبط العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، قائلا “من الواضح أنها لن تعود إلى الاتحاد الأوروبي، لكن السياسة هي فن الممكن، أليس كذلك؟.. كل ما عليك فعله هو عدم قول (بريكست) وقول شيء آخر”.

أما مارتن  فترى أن ثمة فرصة جيدة لأن تشهد بريطانيا موجة من الاكتتابات العامة الأولية العام المقبل، مع كون الشركة الصينية العملاقة للأزياء السريعة، شين، الأكثر شهرة من بينها.

العملات المشفرة

وتقول مارتن إن أسعار بيتكوين ترتفع.. لم أتوقع أن ترتفع إلى هذا الحد.. لا يزال لا فائدة أساسية منها. ولا تزال لا تمنحك أي حق في أي شيء مفيد. لكنني أعتقد أنه يجب على من شكك منا في العملات المشفرة على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية أن يقبلوا (حقيقة) أن ثمة مشترين أكثر من البائعين”.

وتتوقع أن يتراوح سعر بيتكوين بين 80 ألفا و500 ألف دولار  في مثل هذا التوقيت في السنة المقبلة، بناء على أنه لا يوجد شيء آخر يمكن الاعتماد عليه عند تحديد السعر.

لكنها أضافت أنه “إذا مضت إدارة ترامب في تنفيذ هذه الخطة التي يروّج لها البعض لإنشاء احتياطي وطني إستراتيجي من بيتكوين.. فلن يكون هناك حد أقصى لسعرها”، في إشارة إلى ارتفاعها بصورة كبيرة.

وتقول مارتن “إذا كنت تريد المضاربة في هذا المجال، فافعل ذلك. لكن تأكد فقط من قدرتك على تحمل خسارة كل هذه الأموال بين عشية وضحاها”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version