القاهرة – تُولي الحكومة المصرية الضرائب أهمية كبرى باعتبارها أحد أكبر مصادر إيرادات خزينة الدولة والتي تعد المصدر الرئيسي لتمويل الإنفاق الحكومي على مختلف القطاعات، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية والدفاع.

تبلغ الإيرادات العامة المتوقعة بموازنة السنة المالية الحالية 2.6 تريليون جنيه (حوالي 53.6 مليار دولار) من بينها حوالي تريليوني جنيه (حوالي 42.2 مليار دولار) ضرائب بنسبة 77% من الإيرادات العامة بنسبة زيادة حوالي 33% عن العام الماضي، (الدولار حوالي 48.5 جنيها).

نمت الحصيلة الضريبية بشكل مطرد منذ 2015-2016 من حوالي 352 مليار جنيه إلى أكثر من تريليوني جنيه في أقل من 10 سنوات، وهي أكبر بند يشهد مثل هذه الزيادات في بنود الموازنة العامة للدولة إلى جانب الديون وفوائدها من خلال توسيع القاعدة الضريبية ودمج جزء من الاقتصاد الموازي واستحداث ضرائب جديدة.

في هذا الإطار كشفت الحكومة المصرية، الأسبوع الماضي، عن خططها الجديدة في المنظومة الضريبية تحت عنوان “صفحة جديدة بين مصلحة الضرائب ومجتمع الأعمال ترتكز على الشراكة والمساندة واليقين”.

وتضمنت حزمة التسهيلات الضريبية، في مسار ضبط وتحسين العلاقة بين المستثمرين ومصلحة الضرائب:

  • توسيع القاعدة الضريبية.
  • تبسيط الإقرارات الضريبية.
  • دمج مشروعات الاقتصاد غير الرسمي (الموازي).
  • وضع حد أقصى لغرامة التأخير لا يتجاوز أصل الضريبة.
  • سرعة الانتهاء من المنازعات والملفات الضريبية المتراكمة.
  • نظاما ضريبيا مبسطا لمن لا يتجاوز حجم أعماله السنوي 15 مليون جنيه.
  • رفع حد الإعفاء من تقديم دراسة تسعير المعاملات للشركات الدولية إلى 30 مليون جنيه.
  • نظام مقاصة مركزيا جديدا للمستثمرين وتبسيط نظام رد ضريبة القيمة المضافة.

ومن أجل تجاوز الحلقة المفقودة بين قرارات الحكومة وتعقيدات الموظفين، تعهد وزير المالية أحمد كجوك برفع كفاءة العاملين بمصلحة الضرائب المصرية وتحسين أوضاعهم بشكل يتناسب مع الأعباء والمسؤوليات المطلوبة منهم.

ما علاقة صندوق النقد؟

لا تبدو تلك السياسات الضريبية الجديدة بمنأى عن مطالب صندوق النقد الدولي، الذي كشف في وقت سابق أن الحكومة المصرية تعمل على إعداد وثيقة إستراتيجية للسياسة الضريبية بهدف استمرار جهود تعبئة الإيرادات على المدى المتوسط.

وتوصل خبراء صندوق النقد الدولي والسلطات المصرية إلى اتفاق على مستوى خبراء الصندوق حول مجموعة من السياسات والإصلاحات الشاملة اللازمة لاستكمال المراجعات الأولى والثانية والثالثة بموجب الاتفاق في ظل “تسهيل الصندوق الممدد” (EFF).

وأبدت مصر التزامها القوي لمسؤولي الصندوق خلال تلك المراجعات بالضبط المالي لضمان استدامة القدرة على تحمل الدين (96.4% عام 2023 /2024) وتكثيف الجهود لتعبئة المزيد من الإيرادات المحلية.

وما لم تعلنه الحكومة بعد في خطتها الجديدة هو ترشيد الإعفاءات الضريبية، وإصلاح ضريبة القيمة المضافة، وإصدار قانون ضريبة الدخل الجديد، وهو ما جاء في وثيقة المراجعات الثلاث السابقة.

أنواع الضرائب ومصادرها

  • الضرائب العامة:

تُشكل نحو 53.5% من حصيلة الضرائب البالغة نحو 1.5 تريليون جنيه في موازنة 2023-2024 وتتضمن:

  1. الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين مثل ضريبة المرتبات وضريبة النشاط التجاري والصناعي وضريبة النشاط المهني غير التجاري وضريبة الثروة العقارية.
  2. الضريبة على أرباح الأشخاص الاعتبارية، وتتضمن ضرائب البترول وضرائب قناة السويس، وضرائب باقي الشركات.
  3. الضريبة على رؤوس الأموال المنقولة وضريبة الدمغة وضريبة التضامن الاجتماعي والضرائب على الأذون.
  • الضريبة على القيمة المضافة:

تُشكل نحو 38% من حصيلة الضرائب.

  • الضرائب الجمركية:

تبلغ نحو 3.9% من حصيلة الضرائب.

  • الضرائب الأخرى:

تصل لنحو 4.6% من حصيلة الضرائب.

فلسفة الحكومة من الضرائب وأثرها على الشركات

اعتبر أمين عام اتحاد المستثمرين العرب السفير جمال بيومي، أن “فلسفة الحكومة من تطوير المنظومة الضريبية هو زيادة حصيلة الضرائب بشكل عام خاصة عندما يكون هناك عجز في موازنة الدولة، وحاجة إلى تقليل الإنفاق”.

وأضاف، للجزيرة نت، نحن أمام نظريتين، الأولى تتبنى تخفيف الأعباء الضريبية على الشركات لأن من شأن ذلك أن يزيد من أرباح الشركات ويوفر فرص عمل أكثر، والثانية تركز على زيادة الضرائب بغض النظر عن تبعات القرار من أجل سد عجز الموازنة وتلبية احتياجات الدولة.

ورأى بيومي أن التوجه الحالي للحكومة يدعم النظرية الأولى. والأمر في مجمله يتعلق بتبسيط الإجراءات الضريبية، ومحاولة دمج مشروعات الاقتصاد غير الرسمي والعمل على سرعة الانتهاء من المنازعات والملفات الضريبية المتراكمة.

وأكد أن الأهم من فرض ضرائب أعلى أو جديدة هو تحسين نظام الضرائب من جهة، وزيادة الدخل ورفع مستوى المعيشة، وهذا يساعد على تحصيل ضرائب أكثر، وعدم الإفراط في زيادة الضرائب والإضرار بمناخ الاستثمار؛ لأن أي زيادة سوف تنعكس على أرباح الشركات وعلى التوظيف وعلى أسعار المنتج في نهاية المطاف.

الاقتصاد الموازي يُشكل نحو 50% من اقتصاد مصر (الجزيرة)

حجم التهرب الضريبي

حوالي أكثر من 50% من المنشآت والشركات إما غير مسجلة بضريبة القيمة المضافة أو غير مسجلة بالضريبة على الدخل، بحسب بيان لمصلحة الضرائب قبل نحو عامين، ما يكلف خزينة الدولة مليارات الجنيهات السنوية.

كذلك يحرم الاقتصاد الموازي الذي يشكل نحو 50% من اقتصاد البلاد، خزينة الدولة من عشرات مليارات الجنيهات بسبب عدم انضمامه بالكامل إلى النظام الضريبي الذي من شأنه أن يرفع إيرادات الدولة بشكل كبير.

ويقول الخبير الاقتصادي وائل النحاس إن “ما كشفت عنه الحكومة المصرية بخصوص التسهيلات الضريبية هو رسالة إلى الرأي العام تتعلق بحسن النوايا خاصة بعد زيارة صندوق النقد الدولي وإتمام المراجعة الثالثة والتي ركزت مثل المراجعتين السابقتين على عدة محاور من بينها النظام الضريبي وضرورة زيادة الإيرادات المحلية”.

كما أنها بحسب، حديث النحاس للجزيرة نت، رسالة إلى الصندوق أن الحكومة تسير في اتجاه الإصلاحات الضريبية، وأن المرحلة المقبلة هي سياسات مالية أكثر منها سياسات نقدية، ولكن حتى الآن لا تزال الحكومة غير قادرة على حسم بعض القضايا المهمة مثل ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة.

ووصف الخبير الاقتصادي العلاقة بين الممولين والمستثمرين والحكومة بأنها ليست متكاملة وتقوم على البحث عن الثغرات واستغلالها لذلك نطالب بمنظومة ضريبية إلكترونية بعيدة عن تدخلات الموظف والممول وبرقم ضريبي موحد للدولة المصرية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version