بغداد- يواجه العراق تحديات في توفير فرص عمل للشباب والبالغين القادرين على العمل بعد أن بلغ عدد السكان ما يقارب 43 مليون نسمة وفق إحصاء 2023 الصادر عن وزارة التخطيط العراقية.

وبلغ عدد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (15- 24 عاما) والذين يستطيعون الالتحاق بسوق العمل، وفقا لآخر إحصاء لعام 2021، حوالي 8 ملايين نسمة، في حين بلغ عدد البالغين القادرين على العمل (25 عاما فما فوق) ما يقارب 17 مليون نسمة، ما يجعل عدد القادرين على العمل تقترب من 25 مليون شخص.

ويصل عدد موظفي الدولة العراقية إلى 4 ملايين موظف حكومي، تكلف خزينة الدولة سنويا للرواتب فقط ما يصل إلى 62 تريليون دينار عراقي (47.3 مليار دولار)، وفق قول المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح.

وتشهد العاصمة بغداد وعدد من المحافظات بين الحين والآخر خروج تظاهرات للطلبة الخريجين للمطالبة بتوفير درجات وظيفية لهم في القطاع العام، من بينهم خريجو كليات الهندسة والتربية والمجموعة الطبية، إضافة إلى تظاهرات الطلبة الأوائل وحملة الشهادات العليا.

توزيع عادل للفرص الوظيفية

ويقول رئيس مجلس الخدمة العامة الاتحادي الذي يتولى تنظيم شؤون الوظيفة العامة، محمود محمد التميمي إن توزيع الفرص الوظيفية يتم بشكل عادل بين المتقدمين، وفقا للمعايير المهنية والوظيفية التي نصت عليها القوانين، وتهدف إلى تحديد المؤهلين لشغل الوظائف لتحقيق الأهداف الإستراتيجية للدولة والحكومة.

ويضيف في حديث للجزيرة نت أن المجلس يعتمد على تعاون مجموعة من المؤسسات الحكومية لنجاح ملف التوظيف وتحقيق الأهداف المرجوة منه، مبينا أن الشركاء الأساسيين هم وزارتا التعليم والمالية إضافة إلى ديوان الرقابة المالية.

وبشأن الضغوط التي يتعرض لها المجلس لإيقاف التعيينات وإنهاء حالة الترهل الوظيفي، يوضح التميمي أن ملف التوظيف يعد من الملفات الحساسة التي تشغل بال المواطنين والمستفيدين من خدمات المجلس وهو “خارج الضغوط التي من الممكن أن يتصورها المواطن”، منوها بأن الحديث عن استمرار التوظيف أو التوقف عنه نتيجة لضغوط “هو كلام غير دقيق وبعيد عن الواقع”.

إجراءات التوظيف

وفي خضم الحديث الدائر حول تقليص التعيينات الحكومية، أكد التميمي أهمية الاستمرار في توفير فرص توظيف للخريجين وحملة الشهادات العليا، رغم ما أعلنه رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، بشأن استحالة مواصلة التعيين بأعداد مبالغ فيها.

يشار إلى أن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أكد في 14 سبتمبر/أيلول 2024، أن الاستمرار بسياسة التعيين في القطاع الحكومي أمر لا يمكن أن تتحمله الدولة، منوها بحاجة العراق إلى عمل دؤوب لتنويع مصادر الاقتصاد وتجاوز تقلّبات أسعار النفط.

وأوضح أن الإجراءات التي يقوم بها المجلس حاليًا لتوظيف الأوائل وحملة الشهادات العليا هي موروثة عن قانون الدعم الطارئ، الذي شمل استحداث أكثر من 74 ألف درجة وظيفية، وقال إن حكومته مستمرة في إجراءات توظيف الأوائل وحملة الشهادات العليا، وفق تكليف قانون الموازنة.

وتم استهداف حوالي 43 ألف درجة وظيفية في الدفعة الأولى من التعيينات، قبل أن يتم إلغاء قانون الدعم الطارئ بعد إقرار قانون الموازنة العامة الاتحادي.

وأضاف التميمي أن فقرة الاستمرار في تعيين حملة الشهادات العليا لا تزال قائمة داخل قانون الموازنة وملزمين بها، ما يعني أن “هذا الإجراء لا يتعارض مع ما أعلنه رئيس الوزراء بشأن تقليص التعيينات”.

وسبق لمجلس الخدمة الاتحادي، أن أعلن في 30 يوليو/تموز 2024، المصادقة على تعيين وجبة جديدة من حَمَلة الشهادات العليا والأوائل.

وأشار إلى أن هذا النهج تم توضيحه في عدة مناسبات، ما يؤكد التزام المجلس بتوفير فرص توظيف للخريجين وحملة الشهادات العليا، رغم التحديات المالية التي تواجه الحكومة.

العراق.. نسبة البطالة خلال 2022 وصلت إلى 16.5% بين من هم 18 و63 عاما

وشدد التميمي على التزام المجلس بالضوابط والمحددات القانونية في عمليات التوظيف، مشيرًا إلى أن الإحراج الوحيد الذي يواجه المجلس يتمثل في عدم القدرة على تلبية جميع طلبات المواطنين المتعلقة بالتوظيف، خاصة تلك التي تخرج عن الإطار القانوني.

وقال التميمي إن المجلس يعمل بكل أريحية وهدوء على المستوى الوظيفي، مؤكدا أن “الضغوطات التي كانت تشكل تحديا في مراحل سابقة قد تجاوزت بفضل النظام المحدد الذي ينفذ على الجميع بكفاءة”.

وأضاف أن هذا النظام ينطبق بشكل متساوٍ على كل المتقدمين للوظائف، مما يجعل الحرج الذي يتصوره البعض منتفيا.

وفيما يتعلق بالإشارة إلى تعيين أكثر من شخص من عائلة واحدة، أوضح التميمي أن البيانات التي يعمل المجلس على معالجتها تأتي من مخرجات تعليمية، مشيرًا إلى أن “المجلس ليس مسؤولاً عما يأتي من الوزارات التعليمية”.

وذكر مثالاً على ذلك بوجود حالات كان فيها أكثر من خريج في عائلة واحدة، ما يجعل تعيينهم مبررًا طالما أنهم يفون بالشروط القانونية المحددة للتوظيف.

تجارب الخليج

وعلى أهمية الانفتاح على التجارب العالمية وخاصة التجارب العربية المحيطة بالعراق أكد التميمي، أن المصدر التشريعي المشترك لمجموعة الدول العربية يجعل النظم القانونية في هذه الدول أقرب إلى النظم القانونية المعمول بها في العراق.

وقال التميمي، إن المجلس نفذ عددًا من اللقاءات والاتفاقيات مع نظرائه في مصر والأردن وتضمنت توقيع مذكرات تفاهم للتعاون في مجالات الخدمة العامة والإدارة الحكومية، مع التركيز على تطوير البرامج العملية والتنفيذ الفعال لها.

وأكد أن المجلس يسعى إلى الاستفادة من خبرات الأجهزة المناظرة في المنطقة العربية بشكل عام، وفي منطقة الخليج والشرق الأوسط بشكل خاص، مع التركيز على تحسين الأداء الحكومي وتعزيز الخدمات المقدمة للمواطنين.

بيروقراطية

ويقول الخريج رضا محمد علي جعفر، الذي لم يتمكن من الحصول على وظيفة رغم مطالبته المتكررة، إن البيروقراطية الشديدة التي تعمل بها مؤسسات الدولة بشكل عام، بالإضافة إلى عدم التعاون من قبل الشركاء الآخرين، كانت العامل الرئيسي في عرقلة عمل مجلس الخدمة.

ويضيف جعفر في حديث للجزيرة نت أن هذه البيروقراطية منعت العديد من المستحقين من الحصول على استحقاقاتهم، ما أثر سلبًا على حياتهم المهنية والشخصية.

ويشير إلى أن العديد من المتقدمين للوظائف الحكومية تأخروا لأكثر من عامين في الحصول على فرص التعيين، بسبب العراقيل التي أحدثتها هذه البيروقراطية وعدم التعاون من قبل الجهات المعنية.

ويوضح جعفر أن شروط لجنة الأمر الديواني كانت عاملا مهما في تعقيد عمل مجلس الخدمة، إذ تم وضع شروط صارمة للتعيين، من أبرزها أن يكون التعيين حسب الاحتياج الوظيفي الدقيق.

ويقول إن هذا الشرط، بالإضافة إلى عدم تعاون الوزارات والجهات الحكومية في تحديد حاجتها الفعلية، أدى إلى تأخير بعض التعيينات وتعقيد عملية التوظيف بشكل عام.

من جانبه، يرى الخريج وائل عبد الكريم أن مجلس الخدمة حقق نجاحات ملموسة في تنظيم عملية التوظيف وتوزيع الوظائف وفق تخصصات دقيقة.

ويؤكد، في حديث للجزيرة نت، أن هذه الخطوة كانت بمثابة إنقاذ للدولة من التعيينات العشوائية والترهل الوظيفي في مؤسساتها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version