تنتظر مدينة أريحا القديمة في الضفة الغربية قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) بشأن الاعتراف بها كموقع للتراث العالمي في الاجتماع المرتقب في الرياض بين 10 و25 سبتمبر/أيلول الجاري.

وتقول المنظمة إن هناك أدلة أثرية تظهر أن المدينة المعروفة أيضا باسم تل السلطان هي واحدة من أقدم المدن على الأرض.

ويقول علماء الآثار في الضفة الغربية إن تل السلطان، أقدم مدينة محصنة في العالم، وموقع يروي قصة تاريخ البشرية من خلال بقايا تعود إلى العصر الحجري الحديث وتستمر حتى العصر البيزنطي.

احتوت المدينة على برج دائري ضخم، بالإضافة إلى أسوار لحماية الموقع. وظل المكان قيد التنقيب لأكثر من قرن من الزمان وأسفر عن بقايا مدينة محصنة تعتبر نفسها أقدم مدينة مأهولة بالسكان على هذا الكوكب.

ويسعى الفلسطينيون لتركيز جهودهم على المدينة لتعزيز التراث المحلي في ظل الاحتلال الإسرائيلي، خاصة أن إسرائيل تستخدم علم الآثار كوسيلة تزعم من خلالها بحقوقها اليهودية الحديثة على الأرض القديمة.

ولأهميته كمعلم رئيسي لتاريخ وثقافة البشرية وكأعجوبة ثقافية شاخصة بعد مرور نحو 10 آلاف عام على تأسيس المدينة، يأمل الفلسطينيون بإدراج التل الواقع على الطرف الغربي لوادي الأردن شمال البحر الميت، في قائمة التراث العالمي.

وسيكون تسجيل الموقع في القائمة إنجازا وطنيا لفلسطين، ومن منظور ثقافي، يشدد الفلسطينيون على حقهم في تسجيل إنجازات الشعب الفلسطيني ومساهمته في الحضارة الإنسانية، كما عبر مسؤول بهيئة التراث العالمي في وزارة السياحة، للجزيرة.

هذا الصباح-أريحا من أقدم مدن العالم

وتقول اليونسكو على موقعها الرسمي إن أريحا القديمة ضمن أحد مناطق الشرق الأوسط يمكن وصفها بمهد الحضارة، تتمتع بتراث ثقافي غني وطويل الأمد، يمتد من عصور ما قبل التاريخ، وتشهد عليه الثقافة المادية المتنوعة الموجودة والتي لا تزال بادية في الخنادق المحفورة في الموقع.

ووثقت التحقيقات الأثرية 23 طبقة من الحضارات القديمة من الحقبة النطوفية (الألفية العاشرة قبل الميلاد) حتى نهاية العصر البيزنطي (القرن السابع الميلادي)، وضمت مراكز حضرية من العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي، بالإضافة إلى تمدن كبير خلال فترات لاحقة.

وكانت مياه نبع عين السلطان مصدر حياة أريحا منذ آلاف السنين ولعبت دورا رئيسيا في تشكيل تاريخها. بالإضافة إلى ذلك، كانت أريحا بمثابة نقطة عبور لشبكات الطرق القديمة الممتدة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، وكانت بمثابة مكان وسيط للثقافة والتجارة.

مدينة أقدم من التاريخ

كل تلك السمات الثقافية أهّلت تل السلطان لتكون واحدة من أقدم المدن على وجه الأرض، وفق ما يتضح من أول مستوطنة زراعية محصنة بنيت في تاريخ البشرية، كما تقول اليونسكو.

وفي مدونته المنشورة بالجزيرة نت ينقل أحمد الدبش الباحث في التاريخ الفلسطيني القديم عن المؤرخ البريطاني جيس ميلارت في كتابه “أقدم الحضارات في الشرق الأدنى” ذكره لتحصينات أريحا، وكتب “إن الجهد الاستثنائي الذي بُذل في إنشاء هذه التحصينات يعني وجود قوة عمل وفيرة ووجود سلطة مركزية قامت بالتخطيط والتنظيم وتوجيه وقيادة العمل التنفيذي، كما يعني في نفس الوقت توفّر فائض اقتصادي ومادي لتحمّل التكاليف لإنجاز مثل هذا العمل. وقد دلّت آثارها على وجود إدارة مركزية قوية بها آنذاك تنظّم شؤونها، وأن هناك زعيما أو حاكما قويا لهذه المدينة”.

ويبدو اكتشاف مستوطنة محصنة على تخوم العصرين الحجريين الأوسط والحديث -وفق ما كتب المؤرخ الروسي إيغور دياكونف- مفاجأة كبيرة لعلماء الآثار؛ إذ كان يفترض حتّى ذلك الحين أن الاشتباكات بين القبائل البدائية لم تكن أكثر من عراك على أرض الصيد أو النساء؛ ولكن ظروف الحياة في فلسطين في الألفين الثامن والسابع قبل الميلاد، كانت كما يبدو قلقة، بحيث اضطر السكان إلى أن يُنفقوا الكثير جدا من الوقت على بناء التحصينات القوية أيضا، كما ينقل الدبش.

ويُعتقد أن سكان أريحا قد أعدوا ما يشبه الصهاريج الأرضية لتخزين مياه الأمطار لاستخدامها حين الحاجة. وفضلا عن تلك التحصينات؛ كُشف عن مبانٍ مركزية، منها معبد وخزّان ماء، بقيت جميعها بمنزلة أحجية.

ويعقب الدبش “هكذا يجوز لنا أن نقول إن أول نواة حكومة نشأت هنا. يقول وليام هاولز في كتابه “ما وراء التاريخ” إن أريحا العتيقة كان لها بالفعل كل خصائص المدينة الحقيقية. لذلك اعتبرت أريحا أقدم مدينة في التاريخ”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version