يشهد القطاع غير الربحي في المملكة العربية السعودية تحولاً جذرياً ونمواً متسارعاً، حيث باتت الأرقام تتحدث عن واقع جديد ومستقبل واعد. ومع استهداف الوصول إلى مليون متطوع وتسجيل عوائد اقتصادية واجتماعية تقدر بأكثر من 1.2 مليار ريال، يبرز هذا القطاع كأحد أهم ركائز التنمية المستدامة في البلاد، متجاوزاً دوره التقليدي الرعوي إلى دور تنموي مؤثر.
السياق العام ورؤية 2030: نقطة التحول
لم يكن هذا النمو وليد الصدفة، بل جاء نتاجاً لتخطيط استراتيجي محكم انطلق مع إعلان رؤية المملكة 2030. قبل إطلاق الرؤية، كان عدد المتطوعين في المملكة لا يتجاوز 11 ألف متطوع سنوياً، وكانت مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي الإجمالي محدودة جداً. وضعت الرؤية هدفاً طموحاً لرفع هذه المساهمة من أقل من 1% إلى 5%، والوصول بعدد المتطوعين إلى مليون متطوع بحلول عام 2030، وهو ما استدعى إعادة هيكلة شاملة للأنظمة والتشريعات المنظمة للعمل الاجتماعي.
الأثر الاقتصادي: من العطاء إلى الاستثمار الاجتماعي
إن الرقم المشار إليه (1.2 مليار ريال) يعكس القيمة الاقتصادية المتنامية للعمل التطوعي والاجتماعي. فالتطوع لم يعد مجرد جهد خيري، بل أصبح له قيمة اقتصادية موازية (Economic Value of Volunteering) تساهم في توفير تكاليف تشغيلية على الجهات الحكومية والخاصة، وتعزز من كفاءة الإنفاق. هذا التحول يساهم في خلق فرص عمل جديدة داخل القطاع الثالث، ويحفز الابتكار في الحلول الاجتماعية، مما يجعل القطاع شريكاً أساسياً في الدورة الاقتصادية الوطنية.
الممكنات المؤسسية والتقنية
لتحقيق هذه الأرقام الضخمة، عملت المملكة على تأسيس بنية تحتية متينة، كان أبرزها إنشاء المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، الذي يتولى تنظيم القطاع وتمكينه. كما لعبت التحولات الرقمية دوراً حاسماً، حيث ساهمت المنصة الوطنية للعمل التطوعي ومنصة “إحسان” في تسهيل وصول المتطوعين إلى الفرص المناسبة، وتوجيه التبرعات بشفافية وموثوقية عالية، مما زاد من ثقة المجتمع والمانحين.
الأهمية الاجتماعية والإقليمية
على الصعيد الاجتماعي، يعزز هذا النمو السريع قيم التكافل والمسؤولية المجتمعية، ويساهم في دمج فئات المجتمع المختلفة، وخاصة الشباب، في جهود البناء الوطني. إقليمياً ودولياً، تقدم المملكة نموذجاً رائداً في مأسسة العمل الخيري والتطوعي، حيث تتماشى هذه الجهود مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs)، مما يرسخ مكانة المملكة كدولة رائدة في مجال العمل الإنساني والتنموي المنظم.
ختاماً، فإن الوصول إلى مليون متطوع وتحقيق عوائد مليارية ليس مجرد أرقام، بل هو مؤشر على نضج المجتمع وحيوية القطاع غير الربحي الذي بات محركاً أساسياً للنهضة الشاملة التي تعيشها المملكة.
The post نمو القطاع غير الربحي: مليون متطوع وعوائد بـ 1.2 مليار ريال appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.


