شهدت الساحة الدينية والعلمية في إثيوبيا انطلاق فعاليات دورة علمية مكثفة مخصصة لتأهيل الأئمة والخطباء وطلبة العلم، وذلك في خطوة تهدف إلى رفع الكفاءة العلمية والدعوية للقائمين على الشأن الديني في البلاد. وتأتي هذه المبادرة استجابة للحاجة المتزايدة لتعزيز البناء المعرفي الشرعي وتطوير المهارات الخطابية بما يتناسب مع تحديات العصر واحتياجات المجتمع المسلم في إثيوبيا.

وتتضمن الدورة برنامجاً علمياً ثرياً يغطي جوانب متعددة من العلوم الشرعية، تشمل الفقه، والعقيدة، وعلوم الحديث، بالإضافة إلى أصول الدعوة وفن الخطابة. ويسعى القائمون على هذا البرنامج إلى تزويد المشاركين بالأدوات اللازمة لفهم النصوص الشرعية فهماً صحيحاً بعيداً عن الغلو والتطرف، مع التركيز على ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال التي تميز بها الدين الإسلامي الحنيف.

العمق التاريخي للإسلام في إثيوبيا

لا يمكن النظر إلى هذه الفعاليات العلمية بمعزل عن السياق التاريخي العريق لإثيوبيا (الحبشة سابقاً) في التاريخ الإسلامي. فإثيوبيا تحتل مكانة خاصة في وجدان المسلمين كونها أرض الهجرة الأولى، حيث استقبل الملك النجاشي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما أسس لعلاقة تاريخية متينة بين الإسلام وهذه الأرض. وقد ظلت مدن إثيوبية عريقة مثل "هرر" منارات للعلم والعلماء لقرون طويلة، حيث كانت مركزاً إشعاعياً للثقافة الإسلامية في القرن الأفريقي، مما يجعل استمرار مثل هذه الدورات اليوم امتداداً طبيعياً لهذا الإرث الحضاري الكبير.

الأهمية الاستراتيجية والاجتماعية

يكتسب تأهيل الأئمة والخطباء في الوقت الراهن أهمية قصوى تتجاوز الجانب المعرفي المجرد؛ فالإمام في المجتمع الإثيوبي يلعب دوراً محورياً في تعزيز السلم المجتمعي والتماسك الوطني. من خلال هذه الدورات، يتم تمكين الدعاة من التعامل بحكمة مع القضايا المعاصرة، وتوجيه الشباب نحو البناء والتنمية، ونبذ الأفكار الدخيلة التي قد تهدد استقرار النسيج الاجتماعي.

وعلى الصعيد الإقليمي، تساهم هذه الجهود في تعزيز صورة إثيوبيا كنموذج للتعايش الديني والثقافي، وتؤكد على دور المؤسسات الدينية في دعم الاستقرار. إن الاستثمار في العنصر البشري من خلال التعليم الشرعي المنضبط يعد حجر الزاوية في بناء مجتمع واعٍ ومتحضر، قادر على مواجهة التحديات الفكرية والمساهمة بفاعلية في نهضة البلاد.

The post دورة لتأهيل الأئمة والخطباء في إثيوبيا: تعزيز للعلم الشرعي appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.

شاركها.
اترك تعليقاً

© 2025 الشرق اليوم. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version