انسحبت وزارة التعليم الماليزية من معرض فرانكفورت للكتاب هذا العام، متهمة المنظمين باتخاذ موقف مؤيد لتل أبيب، وسط تزايد الانقسامات العالمية حول الصراع الدائر بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين في قطاع غزة.
وقالت الوزارة الماليزية -في بيان في وقت متأخر أمس الاثنين- إنها لن تغض الطرف عن العنف الذي ترتكبه إسرائيل في فلسطين منتهكة بوضوح القوانين الدولية وحقوق الإنسان. وأضافت “قرار الانسحاب يتماشى مع موقف الحكومة بالتضامن وتقديم الدعم الكامل لفلسطين”.
وجاء قرار ماليزيا بالانسحاب مما يعد أكبر معرض كتاب في العالم، بعد أن قالت الجمعية الأدبية “ليتبروم” إنها ستؤجل حفلا لمنح جائزة لمؤلف فلسطيني عن روايته بهذا الحدث في أعقاب الهجوم الذي نفذته المقاومة الفلسطينية الأسبوع الماضي في إسرائيل.
وأعلن منظم المعرض أيضا على فيسبوك أنه سيجعل الأصوات اليهودية والإسرائيلية “مرئية بشكل خاص” في نسخة هذا العام.
يُذكر أن ماليزيا -ذات الأغلبية المسلمة- تدعم منذ فترة طويلة القضية الفلسطينية، وفي وقت سابق قال رئيس الوزراء أنور إبراهيم إنه لا يتفق مع الضغوط الغربية للتنديد بحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ودعا أنور -اليوم- إلى الوقف الفوري للقصف على قطاع غزة، وفتح ممر إنساني، وذلك في أعقاب محادثة هاتفية مع رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية.
انحياز صارخ
وكان مدير المعرض يورغن بوس قد تحدث في وقت سابق بانحياز صارخ للرواية الإسرائيلية وقال “إن حرب الإرهاب ضد إسرائيل تتناقض مع جميع قيم معرض فرانكفورت للكتاب. فمعرض فرانكفورت للكتاب يدور دائما حول الإنسانية، مع التركيز على الخطاب السلمي والديمقراطي. لقد تحطمت هذه الإنسانية مرة أخرى بسبب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل”.
وأعلن بوس عدم إمكانية إقامة الحفلات الموسيقية بالمعرض، وأضاف “سنعطي الأصوات اليهودية والإسرائيلية مساحة أكبر بشكل خاص في معرض الكتاب” وأعلن عن فعاليات فنية وأدبية تضامنية مع إسرائيل إضافة لمشاركة نادي القلم في برلين في تنظيم حدث بمسرح المعرض بعنوان “بدافع القلق على إسرائيل”.
ولم يذكر مدير المعرض شيئا عما إذا كان سيتم إفساح المجال لأي أصوات فلسطينية. بالمقابل، لا تشهد فعاليات المعرض المصاحبة أي مشاركة من أدباء أو كتاب أو مفكرين فلسطينيين.
انسحابات عربية
وكانت هيئة الشارقة للكتاب قد أعلنت في بيان رسمي انسحابها من معرض فرانكفورت لهذا العام، لتأييد دور الثقافة والكتب على تشجيع الحوار والتفاهم بين الناس، وأضافت “نحن نعتقد أن هذا الدور أصبح أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى”.
Given the recent announcement by the organizers of the Frankfurt @Book_Fair, we have decided to withdraw our participation this year. We champion the role of culture & books to encourage dialogue & understanding between people. We believe that this role is more imp now than ever.… pic.twitter.com/r3zlcOqwTM
— Sharjah Book Authority (@SharjahBookAuth) October 14, 2023
وجاء بعد ذلك بيان لجمعية الناشرين الإماراتيين أعلن انسحابهم من المعرض بسبب بيان المنظمين الأخير الداعم لإسرائيل.
Given the recent announcement by the organizers of the Frankfurt @Book_Fair, we have decided to withdraw our participation this year. We champion the role of culture & books to encourage dialogue & understanding between people. We believe that this role is more imp now than ever. pic.twitter.com/XqWQdJm9kV
— Emirates Publishers Assoc. الناشرين الإماراتيين (@epa_publishers) October 14, 2023
وأعلن اتحاد الناشرين العرب في وقت سابق انسحابه من المعرض، وقال في بيان “في ضوء موقف معرض فرانكفورت الدولي للكتاب المنحاز وغير العادل تجاه الأحداث المأساوية التي تشهدها المنطقة، والتصريحات الصادرة بهذا الشأن، فقد قرر اتحاد الناشرين العرب سحب مشاركته في المعرض”.
وقد أعلنت دور نشر عربية -بينها دار سعاد الصباح للثقافة والإبداع- انسحابها، وقالت الدار الكويتية إن قرار الانسحاب جاء بسبب “انحياز المعرض لمحتل ومعتد حوّل غزة إلى مقبرة جماعية، وإلى سجن مفتوح لأكثر من مليونين ونصف المليون من البشر الذين يستحقون الحياة الكريمة”.
إثر انحيازه للاعتداءات الصهيونية ضد المدنيين العزّل في غزة
دار سعاد الصباح للثقافة تعلن انسحابها من معرض فرانكفورت
تعلن دار سعاد الصباح للثقافة والإبداع إلغاء مشاركتها السنوية وانسحابها من الدورة 75 لمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب على أثر ما أعلنه يورجن بوس، مدير المعرض في بيان… pic.twitter.com/eH0TdYXNOt
— د. سعاد محمد الصباح (@suad_alsabah) October 14, 2023
أعلن معرض فرانكفورت الدولي للكتاب دعمه لإسرائيل وحجب جائزته عن الكاتبة الفلسطنية عدنية شبلي، ونحن من جانبنا نقدم لها كل الدعم، فلسطين.. قضيتنا.#FreePalestine #Gazagenocide pic.twitter.com/CpeDHI7CNp
— عصير الكتب (@AseerAlkotb) October 14, 2023
إلغاء جائزة شبلي
وإلى جانب مواقفه الداعمة لإسرائيل، ألغى معرض فرانكفورت حفل توزيع جائزة الروائية الفلسطينية عدنية شبلي، وهو ما أغضب اتحاد الكتاب العرب.
وكان من المقرر أن تتسلم هذه الكاتبة الفلسطينية -المقيمة في برلين- جائزة تمنحها الجمعية الأدبية الألمانية “ليتبروم” في معرض فرانكفورت عن روايتها “تفصيل ثانوي” (عام 2017) يوم الجمعة المقبل.
وجاءت هذه الرواية في قالب درامي، وهي لا تشمل تفاصيل سياسية مباشرة، وتدور في زمنين منفصلين حيث تحكي قصة فتاة فلسطينية من النقب يغتصبها جنود إسرائيليون بعد عام واحد من النكبة، بينما تحاول أخرى بعد نصف قرن البحث عن وقائع الجريمة الأولى. وتؤرخ الرواية للمعاناة الفلسطينية بدءا من التهجير زمن النكبة وحتى المنع من التنقل بين مناطق الأراضي الفلسطينية.
ونُشرت الترجمة الإنجليزية للرواية، بقلم إليزابيث جاكيت عام 2020، وتم إدراجها بالقائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية العام التالي وفي قوائم جوائز أخرى.
وقالت “ليتبروم” في بيانها للإعلان عن الجائزة إن رواية شبلي “عمل فني مؤلف بدقة يحكي عن قوة الحدود وما تصنعه الصراعات العنيفة بالناس” وأكدت الجمعية -التي تسعى لدعم أدب الجنوب العالمي من بلدان أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية- أنها لم تغير موقفها في منح جائزتها لرواية شبلي رغم الانتقادات والاتهامات.
وكانت جمعية المؤلفين الألمان أبدت في وقت سابق عدم قبولها للانتقادات الموجهة للرواية، وقالت إيفا ميناسي المتحدثة باسم نادي القلم في برلين “لا يوجد كتاب يصبح مختلفا (أفضل أو أسوأ أو أكثر خطورة) بسبب تغير السياق الإخباري”.
وتابعت “إما أن يكون الكتاب مستحقا للجائزة، أو لا يكون.. إن قرار لجنة التحكيم بشأن شبلي، والذي صدر قبل أسابيع، كان في رأيي جيدا للغاية. وسحب الجائزة منها سيكون خطأ جوهريا، من وجهة نظر سياسية وأدبية”.